التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 12 | التغير الذي وقع في سورة الحجر (كلمة صلصال)

أهلًا أعزائي المشاهدين

الحلقة الماضية عن التغيير الذي حصل مع تدوين وتوحيد وجمع القرآن،

وبالذات عن كلمة الكلالة الي هي في آية 12 من سورة النساء

وقُلنا: أنّ أصلها كلّة، ومعناها في اللّغات السامية الكنّة، وهي زوجة الابن.

وفي الآية الأخيرة من نفس السورة سورة النساء الكلالة بلامين،

 وتعني المين نفسه، كما رأينا في اللغة المندائية وفي الفكر المسيحي على العموم

وقبل أن ننتقل إلى الحديث عن التغيير التاني في نفس المخطوطة عند كلمة الصلصال في سورة الحِجر 26- 28 -33

ارتأيت أن أوضّح مسألة الإرث من سورة النساء عند الكلمة التي تغيّرت من الكلّة إلى الكلالة

وقد كانت في الأصل تعني الكنّة، زوجة الابن.

 والسؤال المطروح ترث من؟ وكيف ترث؟

في الآية هناك استثناء، وهو وإن كان رجل يُورّث كنّة، لأنّ عادة الكنّة لا ترث من حماها أو حماتها، ولكن هناك استثناء،

لو زوجها متوفي ولهذا سمُيت بالكلّة، بالام لتميُّزها عن باقي الكنّات،

إذًا، أرملة فهذه الحالة، فنصيبها يكون سُدس، لماذا؟

 لأنّ زوجها المتوفي عند الممات فهذا الحمى أو الحماة وهما أبوي الزوج الميت،

كلّ واحد منهم أخذ السُدس مما ترك هذا الابن، ولذك بموجب الآية 11 من سورة النساء «وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ…» بطبيعة الحال إذا كان الأبناء

فهل الاستثناء لا يشمل فقط الكلّة أو الكنّة التي مات زوجها، وإنما يشمل كذلك أخ أو أخت هذا الحمى أو الحماة المتوفى، لأنّهم في العادة لا يرثان الأخ والأخت في ظل وجود أولاد خاصة الذّكور

من هذا الأخ المتوفّى أو الأخت المتوفية، فالاستثناء مقرون بدخول فئة ثانية من الورثة وفي هذه الحال دخول عنصر جديد هي الكنّة المتوفى عنها زوجها

فأدخلت معها فئة ثانية، وهي عمّ زوجها وعمته،

إذا كان طبيعة الحال على قيد الحياة، فرغم وجود أبناء الحمى أو الحماة المتوفيان فهم كذلك سوف يرثون.

بسبب هذا التغيير في الكلمة كلّة لم تعد الكنّة الأرملة ترث ولا حتى أولادها من جدّهم أو جدّتهم، في ظلّ وجود اعماهم بطبيعة الحال،

 وهذا ظلم في التشريع في تغيير الكلمة في حق الكنّة الأرملة وأولادها، وكذلك الأخ وأخت المتوفى،

لا شكّ أنّ الأحفاد يتامى كانوا يرثون من جدهم وجدتهم، حتّى في ظلّ وجود أعمامهم وعماتهم إلى أن جاء هذا التشريع بسبب خطأ من المُفسّر،

ولهذا نجد في العُرف من اليوم، يتنازل الحمى من نصيبه السُدس لزوجة ابنه المتوفّى وأولادها بطبيعة الحال

أو يكتب وصية تُسمّى الوصية الواجبة، وذلك لأحفاده اليتامى بمقدار نصيبه في ميراث أبيهم، أي السُدس

ولا يتعدى هذا المقدار الثلث، ولأننا نرى.. وكأننا نرى إعادة النصّ الأصلي قبل التّغيير في هذا العُرف،

وخاصة عندما يقول: «فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ» (النساء: 12)

أتمنى أن تكون الصّورة قد وضحت الآن،

نرجع للمخطوطة Arab 328 a أو Arab 328 أ وهذه المرة من الرّقعة 54 أ في (سورة الحجر الآية: 26 – 28 – 33) مع كلمة صلصال

فالكلمة بالثلاث آيات، كانت في الأصل صلل، فمسحت اللام الأخير وابدلت بصاد ولام فأصبحت صلصل

فلو كان هذا التّغيير في آية واحد من الثّلاث آيات، كان بالإمكان القبول بأنّه سهو من الناسخ،

لكن التلات مرات بنفس التغيير فهذا يؤكد بانّه كانت صلل

وقد أشار الدكتور “فرانسوا ديروش”  لهذا التغيير في كتابه ( La transmission écrite du Coran dans les débuts de l’islam  )

دو أن يعلق عليه كعادتي حتى لا يدخل في متاهات مادة الفيلولوجيا

 وكما سبق وأشرنا في الحلقة الثامنة، نفس الشيء كما نُلاحظ من اختلاف تأويل كلمة كلالة

بين علماء الإسلام كذلك في هذه الكلمة صلصال منهم من قال: معناها تُراب يابس أو طين يابس،

ومنهم من قال معناها المُنتن، وهناك من ذهب إلى أنّ معناها: التراب الدقيق الناعم،

 وآخرون ذهبوا إلى أن معناها بقية الماء في الآنية أو الغادية

إذًا وراء هذه التأويلات المختلفة بين علماء الإسلام نُلاحظ أنّهم غير متفقين على معنى واحد للكلمة

لكن هناك إجماع على أنّ الصلصال هو طين، كما جاء في سورة الصافات، «فاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ» (الصافات: 11)

والطين هو نوع  من التّراب كما جاء في سورة آل عمران الآية: 59 « إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ»

وبالرجوع إلى الكلمة في الأصل صلل، نجدها في (لسان العرب) بمعنى صوت كصوت الصنج

يُقال: صلّل اللجام،  امتد صوته، لكن مفهوم الصوت لا يوافق سياق الآيات الثلاث 26 – 28 – 33

ولا حتى الآية 14 من سورة الرحمن.

لأنّ كلمة كالفخّار، تُفيد تشبيه لمادة الفخّار، وليس لصوت طنينه.

نعود للآية لمحاولة فهم الكلمة صلل، نجد عبارة من حمإ تعني أنّ هذا الصلل، هو من حمإ. والحمإ في تفسير علماء الإسلام هو طين أسود لازب رطب ونتن.

لكن لما نخرج من تأثير الآية 11 في سورة الصافات.

لتكملة الموضوع انتظرونا في الحلقة القادمة، وإلى اللقاء!


download text file

Early History of Islam 012

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 127 | سر ذبح بقرة موسى
أهلًا بالمُتابعين الأفاضل! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة القُرآن، ككتاب [...]
20 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 126 | البقرة الحمراء وبناء معبد اليهود في القدس
مرحبًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن البقرة الحمراء [...]
12 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 125 | بقرة موسى صفراء أم حمراء؟
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! مازلنا في إطار الردّ على تعليق الحلقة [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 124 | إشكالية نص القرآن (الرد على أحد التعليقات)
أهلًا وسهلًا بكم مرّة أخرى أعزائي الكرام! في الحلقات الماضية، كنا [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 123 | محمد لم يأت بدين جديد
أهلًا بكُم أحِبائي الكِرام. في الحلقة الماضية كنّا تحدّثنا عن كُتب [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 122 | القرآن هو أجبية وقريان العرب
أهلًا بكم أعزّائي الكرام! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة أصول القُرآن، [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 121 | هل يجيد الرسول القراءة والكتابة؟
أهلًا بكم مُشاهديّ الكرام! بعد سلسلة من الحلقات حول القراءات [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 120 | إشكالية التنقيط في القرآن
تحيّة محبّة واحترام لكُم مُتابعينا الكرام! كنّا قد تكلّمنا في الحلقات [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 119 | أقدم طبعة للمصحف
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن ظهور القُرآن [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 118 | فوضى القراءات المختلفة في للقرآن
تحية محبّة وأخوّة لكُم مُتابعينا الكرام! في الماضية كنّا بدأنا الحديث [...]
5 views

Page 1 of 13

اترك تعليقاً