التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 19 | ما معنى عبارة “الدين الإسلامي” وهل كان معاوية مسلمًا؟

أهلًا بكم عزيزاتي أعزائي المُشاهدين!

في الحلقة الماضية تحدّثنا عن فنّ الرسم والنحت في العصر الأموي

وعدم تحريمه كما شائع، وعلاقة هذا الفنّ بالثقافة اليهوديّة على الخُصوص

وطرحنا بعض الأسئلة التي تحتاج لإجابة ومنها: هل الخلفاء الأمويين كانوا مسلمين بالمعنى الذي نفهمه الآن؟

أوّلًا: لا يوجد أيّ مخطوط أو عُملة أو نقش في البدايات الأولى للقرن السابع الميلادي ولا قبله يتحدّث عن الإسلام والمُسلمين

فكلمة مُسلم أو إسلام كعقيدة، ظهرت في فترة متأخّرة عن البدايات الأولى لما نُسمّيه الآن التاريخ الإسلامي

فالعرب كانوا يُسمّونهم بالطيايا أو السراسين أو الهاجرين او الإسماعيليين، وأسماء أخرى لكن أبدًا لم ينعتوهم بالمسلمين

فكلمة إسلام ظهرت أوّل مرة في النصّ القرآني كما تعرفون ففي (سورة آل عمران: 19) وفي أقدم مخطوطة تحمل هذه الكلمة هي مخطوطة Arab 328 a التي تعود (لمصحف باريسنو – بتروبوليتانس) الرقعة 2 ب

 «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ» (آل عمران: 19) فكلمة إسلام من أسلم أي الانقياد التام وكامل كما جاء في (سورة الحجرات، الآية 14) « قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

فالإسلام شيء والإيمان شيء آخر، فالأعراب انقادوا تمامًا للحُكم الجديد، ولكن قلوبهم لا تؤمن بما أتى به صاحب الرسالة

إذًا كلمة الإسلام تصف الحالة التي عليها القوم، وليس إيمانهم.

وهذه الكلمة هي من جذر كلمة آرامية (شليما) بمعنى سليم بريء صحيح

وفي اللغة العبرية (شَليم) معنها كامل

إذًا الدين الإسلامي معناها الدين الصحيح السليم الكامل،

وما معنى كلمة الدين؟ بما أنّ الإسلام ليس معناه إيمان وعقيدة بالتالي فكلمة دين لا تُفيد بالضرورة العقيدة والإيمان كذلك

وبالرجوع إلى جذر الكلمة في اللغة الآرامية دين، بمعنى يحكُم يقضي يُعاقب

وفي اللغة العبرية (دينا) بمعنى حُكم، قضاء

وبالتالي منه جاءت كلمة مدينة، بمعنى مكان محكوم مُحصّن بحصن أو أسوار

نقول كذلك: الله هو الديّان، أي صاحب الحُكم والسلطان، متى؟ يوم الدينونة أي يوم الحساب والقضاء والعقاب

أطلبك دينًا، أطلبك بقضاء حق

وفي (سورة يوسف، الآية 76) نجد عبارة «مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ»

بمعنى ما كان ذلك في قضاء الملك كما قال “قتادة”

وهكذا فعبارة الدين الإسلامي معناها الحكم الصحيح السليم الكامل

إذًا، عندما انتصر العرب على شعوب أخرى دخلوا في دين الإسلام بمعنى تحت راية الإسلام وحُكمه

ننتقل للسؤال الثاني، هل الخُلفاء الأمويين كانوا مسلمين بالمعنى الذي نفهمه الآن؟

الجواب يظهر في (الحوليّات المارونية)، التي تعود لما بين سنة 658  إلى 664 ميلادية

عندما نقول كلمة: حوليّة، معنها الأحداث التي وقعت خلال السنة.

نجد في مخطوطة بالخط السرياني بالمكتبة البريطانية وتتألّف من 14 رُقعة ما يلي:

“تم قتل حذيفة بن أخت معاوية كما تم ذبح أبو تُراب أي عليّ، وهو يصلي في الحيرة.

معاوية نزل للحيرة وتلقّى البيعة من جميع القوى العربيّة هناك سنة 658 وفي 660 تجمّع الكثير من العرب في القُدس كانت تُسمّى مدينة إيليا أنداك وجعلوا معاوية ملكًا وصعد ونُصّب في الجلجلثة، والجلجلثة معنها مكان صلب المسيح وصلّى هناك،

ثم ذهب إلى جثسيمانى ونزل إلى قبر مريم المبارك وصلى به، وفي تلك الأيام كان العرب قد تجمعوا هناك لمعاوية، وحدث زلازل كبير.

هدّم الكثير من مدينة أريحا، وكذلك العديد من الكنائس المُجاورة والأديرة،

وفي شهر يوليو من نفس العام، تجمّع الأمراء والكثير من العرب وقدّموا ولاءهم لمُعاوية ثم صدر قرار على أنّه يجب أن يُعلن ملكًا في جميع القرى والمدن الخاضعة له وينبغي جعل التزكيات والدعاء والصلوات له.

وقد سكّ أي معاوية، الذّهب والفضة، ولكن لم يُقبل ذلك لأنّه ليس عليها علامة الصليب. وعلاوة على ذلك مُعاوية لم يضع تاج مثل الملوك الأخرى في العالم، ووضع عرشه في دمشق ورفض الذهاب إلى عرش مُحمّد”

ما نُلاحظه في هذا النصّ هو دقّة الوصف الجغرافي للمنطقة، فالكاتب بن هذه المنطقة أو يعرفها جيّدًا.

فالصعود إلى الجلجلثة مكان صلب المسيح، والنزول إلى كنيسة قبر مريم العذراء قُرب بستان جثسيمانى كلها تُفيد أن صاحب المخطوطة يصف مشهدًا حقيقيًا،

هناك شيء أخر يؤكّد ما يقوله: وهو حدوث زلزال سنة 660

فالأبحاث العلميّة الحديثة، تُفيد أنه بالفعل حدث زلزال في تلك السنة، كما نرى على الشاشة.

وكذلك الشيء الثاني، أو العُملة التي كانت شائعة في عهد معاوية فعلًا تحمل صُلبان وقبلها رموز أخرى

كما طبعًا تذكر المخطوطة، وكلّ هذه الحقائق التاريخيّة غابت عن السير والروايات الإسلامية المعروفة،

والتي كُتبت بعد قرن ونصف من تلك الأحداث

فكما هو على الشاشة فإنّ العُملة في عهد “معاوية” تُظهر صليبًا في يد الحاكم. وحرف M تعني 40 نُميا، وكلمة دمشق تحت هذا الحرف

وهذه الكلمة دمشق بالحرف العربي القديم،

عُملة أخرى تُمثّل حاكم العربي وهو يحمل سلّة وبها رأس يوحنا المعمداني،

 ثم عُملة أخرى للحاكم الذي يحمي كنيسة يوحنا المعمداني في دمشق برمز الخروف كضحيّة وبيده صليب

فكيف يُعقل هذا في ظلّ ما قدّمته لنا المراجع الإسلامية؟

وهناك نقش حمّامات جدارة للخليفة معاوية باللغة اليونانيّة، ويبدأ بعلامة الصّليب.

أليست كلّ هذه الآثار تؤكّد الحوليّة المارونية؟

لتكملة الموضوع، نلتقي وإيّاكم في الحلقة القادمة وإلى اللقاء!


Download text file

Early History of Islam 019

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 127 | سر ذبح بقرة موسى
أهلًا بالمُتابعين الأفاضل! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة القُرآن، ككتاب [...]
19 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 126 | البقرة الحمراء وبناء معبد اليهود في القدس
مرحبًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن البقرة الحمراء [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 125 | بقرة موسى صفراء أم حمراء؟
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! مازلنا في إطار الردّ على تعليق الحلقة [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 124 | إشكالية نص القرآن (الرد على أحد التعليقات)
أهلًا وسهلًا بكم مرّة أخرى أعزائي الكرام! في الحلقات الماضية، كنا [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 123 | محمد لم يأت بدين جديد
أهلًا بكُم أحِبائي الكِرام. في الحلقة الماضية كنّا تحدّثنا عن كُتب [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 122 | القرآن هو أجبية وقريان العرب
أهلًا بكم أعزّائي الكرام! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة أصول القُرآن، [...]
14 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 121 | هل يجيد الرسول القراءة والكتابة؟
أهلًا بكم مُشاهديّ الكرام! بعد سلسلة من الحلقات حول القراءات [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 120 | إشكالية التنقيط في القرآن
تحيّة محبّة واحترام لكُم مُتابعينا الكرام! كنّا قد تكلّمنا في الحلقات [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 119 | أقدم طبعة للمصحف
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن ظهور القُرآن [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 118 | فوضى القراءات المختلفة في للقرآن
تحية محبّة وأخوّة لكُم مُتابعينا الكرام! في الماضية كنّا بدأنا الحديث [...]
5 views

Page 1 of 13

اترك تعليقاً