التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 20 | انتصار العرب على البيزنطيين ودخول الناس في الدين أفواجاً

مرحبًا بكم عزيزاتي أعزائي المُشاهدين!

في الحلقة الماضية طرحنا سؤال مُهمّ، عن معنى الدين الإسلامي

وقُلنا: إنّ معناه الحُكم الصحيح الكامل اعتمادًا على أصل اللّغة،

ورأينا أنّ الخليفة “معاوية” لا يمكن أن تكون له عقيدة محمديّة كما هو شائع مراجعنا الإسلامية

خليفة يُصلي بالجلجثة وكنيسة قبر أو كنيسة قبر مريم العذراء، ويحمل صليبًا في عملته، ونقشه الذي يعود لسنة 664 ميلادية أو 43 للحكم العربي كما رأينا في الحلقة الماضية

فكيف يُمكن فهم هذه المعضلة؟

فكما قُلت: الدين الإسلام ليس معناه العقيدة المحمديّة، وتصديق الرسالة التي أتى بها محمّد نبيّ العرب

وإنّما معنها الحكم العربي الصحيح الكامل المؤيّد من الله لجعل العرب يهزمون البيزنطيين أقوى إمبراطورية في العالم آنذاك.

وهذا الحُكم الإسلامي يدخُل تحت رايته كلّ المِلل والنِحل شريطة أن تخضع لقوانينه،

وجوهر هذا الحكم الإسلامي يتلخّص في الإيمان بالله والعمل الصالح كما ورد في سورة البقرة

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (البقرة: 62)

وكذلك في (سورة المائدة الآية: 69) «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»

إذًا، كلّ العقائد مقبولة كالذين آمنوا بنبوّة محّمد، والذي هادوا أي اليهود، والنّصارى على رأسهم المسيحيّين، والصابئين أي أتباع يوحنّا المعمداني، أو ما يُسمّى خطأ بيحيى بن زكريا.

فكما تعلم عزيزتي المُشاهدة عزيزي المشاهد فالحروف العربية القديمة لم تكن منقطة، وبالتالي فكلمة يوحنا، أصبحت باجتهاد الفقهاء يحيى كما يظهر على الشاشة. هي في الأصل يوحنّا،

 كلّ هؤلاء الذين ذكرناهم يؤمنون بالله واليوم الأخر فيبقى فقط العمل الصالح والكامل الذي يُعبّر عنه بالإسلام

إذًا بحسب هذا المعنى يُمكن القبول بإبراهيم أبو الأنبياء أنّه مُسلم، وموسى مُسلم، وداود مُسلم، وعيسى مُسلم، ومحمّد كذلك مُسلم.

سؤال آخر يتبادر للذّهن، هو: هل عندنا آثار تظهر أن أصحابها مُسلمين وعقيدتهم يهودية؟

الجواب نعم، هناك عُملة يظهر عليها الشّمعدان اليهودي بخمس شمعات، وفي الجهة الثانية عبارة (محمّد رسول الله)

هذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ العرض لدخول الإسلام هو عرض سياسي وليس عقائدي

فالدخول تحت الحُكم العربي الإسلاميّ للحماية والاستقرار مُقابل دفع مبلغ بسيط لتزكية نُصرة هذا الحُكم. ويقدّر ب 2.5 % من مجموع الأرباح

والانضمام لصفوف الجنود وقت الحرب عند الاستطاعة، وهكذا أصبح المُنخرطين تحت راية الإسلام بعد هزيمة البيزنطيين من كلّ البقاع المُجاورة بقاطرة

وهذا ما تدلّ عليه سورة النّصر «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا» (النصر: 1 – 2)

هناك من يعترض ويقول: هذه السورة تتحدّث عن فتح مكة، ولا دخل لها بالبيزنطيين،

أولًا عزيزي المشاهد، وعزيزتي المشاهدة، هذا ما وصلنا من أخبار ورواية جاءت بعد الحدث بقرن ونصف على الأقل كما ذكرنا في العديد من الحلقات

ثانيًا: النص القرآني يتحدّث عن الناس بالتعميم وليس أهل قريش بالتخصيص

لو وافقنا جدلًا عن أنّ المراد أهل قريش، فقبلت قريش ليس لها وزنًا في العالم ولا حتى بين القبائل العربية حتى تجعل الناس يدخلون أفواجًا تحت راية الإسلام

لكن يُصبح الأمر مقبولًا عند انهزام أقوى إمبراطورية في العالم أمام العرب

والدخول تحت الحُكم الإسلامي أفواجًا، يوضّح أنّ هذا الدخول سياسي وليس عقائدي

لأنّ معظم النّاس لا تعرف شيئًا عن القُرآن ورسالة محمّد بعد

فكيف تدخُل في عقيدته عن جهل، وتترك عقيدة الآباء والأجداد؟

يُمكن الاعتراض كذلك على أنّ النّبي مات سنة 632 قبل الانتصار على البيزنطيين،

مرّة أخرى هذه الأخبار جاءت بعد قرن ونصف من الحدث فهناك مخطوطة باللغة اليونانية تُسمّى ( تعاليم يعقوب المعمّد Doctrina Jacobi : )

كُتبت في سنة 634 ويعقوب هذا تاجر يهوديّ من فلسطين في تلك السنّة،

كان في رحلة إلى قرطاجة حيث داهمته حملة التنصير اليهود بعد قرار التنصير الذي فرضه الإمبراطور البيزنطي “هرقل” على اليهود الإمبراطورية

وفي خضمّ هذه الأحداث يصل قريب له من فلسطين يدعى “جيستوس” يحمل أخبار بعض ما يجري هناك في فلسطين يقول:

“قتلَ السراسين أحد ضبّاط الحرس الإمبراطوري، ربّما معناها وليّ بيزنطة على تلك المنطقة، وابتهج اليهود لمقتله وقولهم: إنّ نبيّ قد ظهر وإنّه أتى مع السراسين، بمعنى العرب. وهو يُبشّر بمجيء المسيح.”

 فنُلاحظ من خلال النصّ أنّ اليهود ابتهجوا لانتصار العرب على الحميّة العسكرية البيزنطية

وظهور نبي مع السراسين بمعنى أنّه  إلى سنة 634 ميلاديّة، لا زال محمّد حيًّا يُرزق

فهذه الشهادة تقول عنه: نبي مُزيّف، جاء بالسيف والأنبياء لا تأتي بالسيف

هناك شهادة أخرى وهذه المرة من المؤرخ الأرميني وباللغة الأرمنية واسمه” سيبيوس” يقول:

“إن رجل ظهر بين العرب يدعى محمّد، عاد الاعتبار إلى صلة النّسب التي تربطهم بالإسماعيليين بإيحاء من اليهود

وقرّر دفع بني قومه إلى استعادة الأرض الموعودة في فلسطين

ونجح في ذلك بعدما انتصر على البيزنطيين في معركة بين قوسين (تبوك)

وزحف نحو مدينة إيلياء وكان الفتح العظيم، وسُمّي أي مُحمّد بالفاروق معناه المُخلّص شعبه

خاصة أنّ اليهود كانوا في محنة التنصير التي فرضها الإمبراطور هرقل سنة 630 ميلادية

تحرّروا من هذه المحنة، وكانوا شُركاء للعرب في هذا الانتصار غير المتوقّع البتّة

نكتفي بهذا القدر وإلى اللقاء في الحلقة المقبلة، ابقوا معنا!


Download text file

Early History of Islam 020

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 127 | سر ذبح بقرة موسى
أهلًا بالمُتابعين الأفاضل! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة القُرآن، ككتاب [...]
20 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 126 | البقرة الحمراء وبناء معبد اليهود في القدس
مرحبًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن البقرة الحمراء [...]
12 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 125 | بقرة موسى صفراء أم حمراء؟
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! مازلنا في إطار الردّ على تعليق الحلقة [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 124 | إشكالية نص القرآن (الرد على أحد التعليقات)
أهلًا وسهلًا بكم مرّة أخرى أعزائي الكرام! في الحلقات الماضية، كنا [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 123 | محمد لم يأت بدين جديد
أهلًا بكُم أحِبائي الكِرام. في الحلقة الماضية كنّا تحدّثنا عن كُتب [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 122 | القرآن هو أجبية وقريان العرب
أهلًا بكم أعزّائي الكرام! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة أصول القُرآن، [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 121 | هل يجيد الرسول القراءة والكتابة؟
أهلًا بكم مُشاهديّ الكرام! بعد سلسلة من الحلقات حول القراءات [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 120 | إشكالية التنقيط في القرآن
تحيّة محبّة واحترام لكُم مُتابعينا الكرام! كنّا قد تكلّمنا في الحلقات [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 119 | أقدم طبعة للمصحف
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن ظهور القُرآن [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 118 | فوضى القراءات المختلفة في للقرآن
تحية محبّة وأخوّة لكُم مُتابعينا الكرام! في الماضية كنّا بدأنا الحديث [...]
5 views

Page 1 of 13

اترك تعليقاً