التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 23 | تطور فن الرسم والنحت العربي والتأثير اليهودي في خلافة بني أمية

أهلًا بكم أعزائي المشاهدين والمشاهدات!

في بداية الحلقة الماضية تحدّثنا عن سبب وجود صُلبان ومينوراه ونار مُقدّسة زرادشتية في العملات التي تعود للعصر الأموي قبل “عبد الملك بن مروان”

ثم رأينا تطوّر تعريب العُملات الساسانية البيزنطية بالتدريج، وبعد أكثر من نصف قرن على هذا الحال فجأة ظهرت عُملات تحمل عبارات قرآنيّة بسيطة كمثل (الله أحد، الله الصمد، لم لد ولم يولد)

وتسألنا عن عبارة (قُل هو) لماذا لا توجد على هذا الدينار الأموي، رغم وجود مجال كافي لتكملة الآية الأولى من سورة الإخلاص؟

ظهرت عبارة (محمّد رسول الله) قبل عبد الملك بن مروان بفترة، لكن لماذا لم تظهر آيات قُرآنية أخرى في عهده؟

كلمة (محمّد) موجودة في القُرآن 4 مرات. (آل عمران: 144)، (الأحزاب: 40)، (محمد: 2)، وأخيرًا (الفتح: 29)

ولكن لماذا لم تُقدّم أيّ آية قرآنية ذكر فيها اسم محمّد، لماذا غاب اسم أحمد كما هو موجود في (سورة الصف الآية 6)؟

كلمة إسلام لا توجد في أي عملة أو مخطوطة أو نقش يعود في ذلك العصر، رغم ذكرها في (سورة آل عمران، الآية 85)

أسئلة مُحيرة تُريد جوابًا شافيًا كافيًا للردّ عليها.

نعود للتغيير المفاجئ في عُملات “عبد الملك بن مروان”، من صور وعامود الألآم إلى آيات ناقصة تحتاج لتعديل

بعد هذا التّغيير غابت الرموز والصور في العُملات العربية إلى عهد قريب،

 وهذا التغيير لا يمكن تفسير إلّا بما يُسمّى الإيكونوكلازم – Iconoclasm ومعناه تدمير الأيقونات والصور وتحرميها بموجب (سفر التثنية الإصحاح 5) « لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا صُورَةً مَّا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.» (سفر التثنية 5: 7 – 8)

فرغم استمرارية هذه الحرب ضدّ الصور والرسوم والتماثيل بعد خلافة عبد الملك بن مروان

 إلّا أنّها استمرت بخجل في قصور بني أميّة وأماكن استجمام بعض الخُلفاء كقصر الخليفة “هشام بن عبد الملك” في أريحا وقصر عَمرة للخليفة “الوليد بن يزيد” بالأردن

المليء كذلك هو الأخر برسوم الحيوانات والبشر لكن الرّسم والنحت أخذا طريقًا آخرًا بالتحوّل للزخرفة والنقوش وهكذا ولد فنّ الزّخرفة الإسلامي الخالي من التجسيد والتجسيم

وأخر صورة بشرية وجدت في بعض قُصور “بني العباس” كقصر السمرّاء تعود لفترة 220 و 229 هجرية

وهذه الصورة موجودة الآن في المتحف البريطاني بلندن

رغم العداوة التي كانت بين الأباطرة البيزنطيّين والخُلفاء الأمويين، إلّا أنّ هذه الظاهرة انتقلت بيزنطة وأقصد بها الإيكونوكلازم

وأصبحت واقعًا في عهد الإمبراطور “ليو الثالث”، الذي حكم ما بين 717 و 741  ميلادية

وأصدر هذا الإمبراطور أمرًا لمنع توقير وتقديس الأيقونات الدينية، خاصة ما بين سنة 726 و 729

ممّا رجال الدين يثورون عليه ويتمرّد مُعظم الرعية على هذا الأمر في الجزء الغربي من الإمبراطوريّة

 وتكرّر هذا الأمر أي عملية الإيكونوكلازم عدّة مرات كما حصل في زيورخ سنة 1524 ميلاديّة

لكن هذا التّدمير لم تعرفه البُلدان المحكومة من الأمويين عند وبعد بداية الأمر سنة 696 من التحوّل المُفاجئ في العُملات

خُلاصة القول: في هذه الأبحاث، هو وجود عقيدة نصرانية عند الأمويين منذ خلافة مُعاوية وللتذكير فقط

فإنّه صلّى مُعاوية في الجُلجثة مكان صلب المسيح يوم تتويجه ملكًا على العرب كما رأينا في الحوليّة المارونية،

وإلى عهد عبد الملك بن مروان وجود عُملات تُظهر الخليفة عبد الملك وهو يُقدّم ولاية العهد لابنه على عامو الألآم ستاوروس وبالتالي:

لا مفرّ من الاعتراف بنصرانية خلافة عبد الملك بن مروان، سنة 696 ميلادية

وبعدها دخلنا في مرحلة جديدة من التحوّل، التّحوّل الفكري والعقائدي.

نجد في قصر “هشام بن عبد الملك” نجمة داود السداسيّة، أو ما تُسمّى بخاتم سليمان، ووجود تمثالين لامرأتين عاريتين الصدر وعلامة الولادة الحديثة كما تفضّل الأستاذ الفنان التّشكيلي المغربي “فوزي صابر”

حيث استنتج أنهنّ يُشيرنَ إلى قصة المرأتان المُتخاصمتان على رضيع أمام الملك سليمان بن داود في (سفر الملوك الأولى، الأصحاح 3)

وتمثال الخليفة يُشير للملك سُليمان نفسه لتوسّطه المرأتين اللّاتين يظهر عليهن عالمات الإنجاب الحديث

ويقف أي الملك سليمان، على أسدين كرمز لعرشه في (سفر الملوك الأولى الإصحاح 10 )

وهذه النظرية عزّزها الأستاذ فوزي بصور جُدرانية، أو جداريات أخرى على قصر عمرة للخليفة الوليد بن اليزيد

كصورة المرأة التي تمسك بطرف ثوبها، وكأنّها تُريد عبور بركة ماء أمام الخليفة وهو على عرشه

وكأنّنا أمام قصة دخول الملكة بلقيس على الملك سُليمان بن داود.

فرغم أنّها نظريّة جديدة في تحليل رمزيّة خلافة بني أمية

 إلا أنّها تقف على أرضية صلبة

وبالتالي وجود التأثير اليهودي بقوّة في الفنّ الأموي

 يُعزّز فرضية التحوّل الفكري العقائدي من النصرانيّة إلى تغلغُل العقيدة اليهودية في عقيدة خُلفاء بني أمية بعد عبد الملك بن مروان

ممّا يُفسّر بناء هذا الملك الي هو عبد الملك بن مروان لقُبّة الصخرة على أرض هيكل سليمان بالقُدس، وكأنّه يُعيد بناءه لقُدوم المسيح المُنتظر

وبالتالي: لا غرابة في وجود آيات بالخط الكوفي على جُدران القُبّة، قُبّة الصخرة، كلّها تتحدّث عن المسيح

ولتكملة الموضوع، نلقاكم في الحلقة القادمة وإلى اللقاء!


Download text file

Early History of Islam 0

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 127 | سر ذبح بقرة موسى
أهلًا بالمُتابعين الأفاضل! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة القُرآن، ككتاب [...]
20 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 126 | البقرة الحمراء وبناء معبد اليهود في القدس
مرحبًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن البقرة الحمراء [...]
12 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 125 | بقرة موسى صفراء أم حمراء؟
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! مازلنا في إطار الردّ على تعليق الحلقة [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 124 | إشكالية نص القرآن (الرد على أحد التعليقات)
أهلًا وسهلًا بكم مرّة أخرى أعزائي الكرام! في الحلقات الماضية، كنا [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 123 | محمد لم يأت بدين جديد
أهلًا بكُم أحِبائي الكِرام. في الحلقة الماضية كنّا تحدّثنا عن كُتب [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 122 | القرآن هو أجبية وقريان العرب
أهلًا بكم أعزّائي الكرام! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة أصول القُرآن، [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 121 | هل يجيد الرسول القراءة والكتابة؟
أهلًا بكم مُشاهديّ الكرام! بعد سلسلة من الحلقات حول القراءات [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 120 | إشكالية التنقيط في القرآن
تحيّة محبّة واحترام لكُم مُتابعينا الكرام! كنّا قد تكلّمنا في الحلقات [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 119 | أقدم طبعة للمصحف
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن ظهور القُرآن [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 118 | فوضى القراءات المختلفة في للقرآن
تحية محبّة وأخوّة لكُم مُتابعينا الكرام! في الماضية كنّا بدأنا الحديث [...]
5 views

Page 1 of 13

اترك تعليقاً