التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 33 | هل صدّق اليهود والنصارى رسالة محمد النبي العربي؟

أعزائي المشاهدين!

تحدّثنا في الحلقة الماضية عن الهاجريين أو المُهاجريين الإسماعيليين أبناء هاجر، الذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله كما جاء في سورة البقرة الآية 218 «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»

وكذلك الأنصار أي أنصار الله المُسلمون الحقيقيون كما جاء في آل عمران الآية 52 «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ»

ثم الأعراب البدو المُنافقون في سورة التوبة الآية 101 «وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ»

وكذلك الذين كفروا من أتباع المسيح، من أصحاب الثالوث، والقول إنّ المسيح هو الله كما ورد في سورة المائدة 72 و 73 «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ … لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ …»

ننتقل لمجموعات أخرى هذه المجموعات كانت موجودة على الساحة بحسب النصّ القُرآني، ومن بينهم اليهود والنّصارى

فاليهود يصفهم القُرآن كالمُنافقين من الأعراب، الذين يجهرون بالإيمان، ويخفون الكُفر

فاليهود بالنسبة له سمّاعون للكذب ويُسارعون في الكُفر كما جاء في سورة المائدة: 41 كما رأينا في الحلقة السابقة

«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ …» (المائدة: 41)

وهذا له آثار فيما قدّمته لنا شهادة Doctrina Jacobi التي تعود لسنة 634 م حيث تخبرنا بابتهاج اليهود بظهور نبي قام مع السراسين العرب، وهو أي هذا النبي يُخبر عن قُدوم المسيح الذي سيأتي

فهذا اعتراف خطير من اليهود على ظهور نبي يُمهّد الطريق لقُدوم المسيا

وابتهاجهم يدل على تصديقهم بوعد الله بقدوم المُخلّص من ظلم المُضطهدين البيزنطيين،

حيث تحكي لنا هذه الوثيقة باسم صاحبها باسم صاحب الخبر “أبراهام” فهو يهودي قريب للسيد “يعقوب” مُتنصّر سُمّيت هذه الوثيقة  باسمه

ويروي كذلك أي “أبراهام” كيف عرف أنّ هذا النبيّ الذي ظهر بين العرب ليس نبيًا حقيقيًا من الله

فسأل السيد أبراهام أحد المُعلّمين وهو رجل دين، وهو رجل كبير في السنّ

مُطّلع على الأسفار المقدّسة عن هذا النبي، فأجابه بعد تأوّه عميق

“إنّه دجّال، وهل يأتي الأنبياء بالسيف؟”

وقال أيضًا: “إنّ هذه الأحداث اليوم، هي حقًا أعمال فوضى”

واستخلص أي السيد أبراهام أمر هذا النبيّ بالقول” “ليس ثمة بالحقيقة يمكن أن توجد عن النبي المزعوم سوى إراقة الدماء. وقوله: إنّه يملك مفاتيح الجنّة، فهو أمر غير قابل للتصديق”

يعني فالأول كان هناك شبه إجماع على أنّ الشخص الذي يقول: إنه يملك مفاتيح الجنة، كان نبيًا، انتصر على البيزنطيين، وهذا لا شكّ أنّه أمر إلهيّ ونصرة ربانية

لكن، سُرعان ما انقلبوا عليه وكذّبوا نبوته، باستخدام السيف بدلًا من النبوات التوراتية

قبل أن ننتقل للفُرقة الثانية وهم النّصارى، نفهم أولًا ما معنى أنّ نبي العرب يملك مفاتيح الجنة أو مفاتيح السموات حسب التّرجمة

فإذا كان نبيّ العرب قد أخبر اتباعه بأنّه يحمل مفاتيح السماوات أو مفاتيح الجنة

 هذا معناه أنه أحد رسل المسيح المُميزين مثل بُطرس والتلاميذ الآخرين وباقي الرُّسل

وبحسب العقيدة المسيحية فالمسيح هو صاحب السلطان، وأعطى لكل أتباعه ميزة الحلّ والربط كما ذكر في متى حينما قال لهم:

« وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ». (متى 16: 18 – 19 )

وقد قال المسيح أيضًا لبطرس: « وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ»

إذًا بهذا المعنى أصبح نبي العرب، يربط ويحلّ كأحد رسال المسيح، وعلامة نبوته الكبرى انتصاره على البيزنطيين أقوى إمبراطورية في العالم حينها

ففكرة مجيء نبيّ أو رسول بعد المسيح، هي فكرة كانت موجودة عند بعض الفرق الضالّة كما يعتبرها المسيحيون

 لأنهم أخذوا العدد 16 من إصحاح 14 لإنجيل يوحنا

والمقطع يقول: «وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ» (يوحنا 14: 16)

هذا المُعزّي بالنسبة للفكر المسيحي هو الروح القُدس، روح الحقّ، أحد الأقانيم الثلاث

أمّا بالنسبة للفرق الضالّة، فهو نبي يهيئ الطريق لعودة السيد المسيح كما هيأها يوحنا المعمدان بمجيئه الأول

والمسيح حسب العقدية المسيحة يتحدّث عن حلول الروح القدس، كما ورد في إنجيل 15: 26 « «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.» (يوحنا 15: 26)

إذًا بالنسبة للفكر المسيحي المُعزّي هو روح الله الذي سوف يمكُث مع وفي المؤمنين إلى الأبد

وفي المُقابل هناك من يعتقد أنّه نبيًا يبعثه الله بالرسالة لتهيئة الطريق

وبهذا جاءت سورة الصف، الآية 6 « وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ» (الصف: 6)

وهذا المجيء يكون في آخر الأيام لهذا نجد صدى هذه الفكرة في الإصحاح، كصحيح مُسلم، وصحيح البُخاري،

حيث جاء على لسان محمّد نبي العرب وسيّدهم، قال: “بعثتُ أنا والساعة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى”

ولكن الجدير بالذكر أنّه كانوا كثيرين من يعتقدون بقُرب الساعة، أي نهاية العالم في تلك الفترة

للمزيد من المعلومات سوف نتحدّث عن هذا الموضوع أكتر في الحلقة القادمة

شكرًا لوجودكم معنا وإلى اللقاء في حلقة أخرى!


Download text file

Early History of Islam 033

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 127 | سر ذبح بقرة موسى
أهلًا بالمُتابعين الأفاضل! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة القُرآن، ككتاب [...]
20 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 126 | البقرة الحمراء وبناء معبد اليهود في القدس
مرحبًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن البقرة الحمراء [...]
12 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 125 | بقرة موسى صفراء أم حمراء؟
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! مازلنا في إطار الردّ على تعليق الحلقة [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 124 | إشكالية نص القرآن (الرد على أحد التعليقات)
أهلًا وسهلًا بكم مرّة أخرى أعزائي الكرام! في الحلقات الماضية، كنا [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 123 | محمد لم يأت بدين جديد
أهلًا بكُم أحِبائي الكِرام. في الحلقة الماضية كنّا تحدّثنا عن كُتب [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 122 | القرآن هو أجبية وقريان العرب
أهلًا بكم أعزّائي الكرام! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة أصول القُرآن، [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 121 | هل يجيد الرسول القراءة والكتابة؟
أهلًا بكم مُشاهديّ الكرام! بعد سلسلة من الحلقات حول القراءات [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 120 | إشكالية التنقيط في القرآن
تحيّة محبّة واحترام لكُم مُتابعينا الكرام! كنّا قد تكلّمنا في الحلقات [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 119 | أقدم طبعة للمصحف
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن ظهور القُرآن [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 118 | فوضى القراءات المختلفة في للقرآن
تحية محبّة وأخوّة لكُم مُتابعينا الكرام! في الماضية كنّا بدأنا الحديث [...]
5 views

Page 1 of 13

اترك تعليقاً