أهلًا بكم أعزائي الكرام!
كما وعتدكم في الحلقة الماضية اليوم نُقدّم لكم تفسيرًا لسورة قريش،
طبعًا بحسب علم الفيلولوجيا علم فقه اللغة المُقارن
ثم بعد ذلك بعد ذلك نتطرّق للتاريخ المادي من نُقوش وكتابات،
بدأ ذي بدء علماء الإسلامي يقولون: إنّ قريش قبيلة عربية عدنانية ترجع أصولها إلى إسماعيل بن إبراهيم عفوًا الخليل
كانت تستوطن منطقة مكّة وما حولها، معتمدين هؤلاء المُفسّرون على اتفاق أنّ السابين بالسين العرب
وبالتالي: فسورة قريش إشارة لهذه القبيلة العربية التي ولد فيها الرسول،
لكن فكرة انتماء محمّد لقبيلة اسمها قُريش جاءت في إطار تأليف السيرة النبوية في ظلّ النصّ القُرآني، وقت تأسيس الدولة العبّاسية
وذلك من أجل إيجاد لها شعريّة في ظلّ استمراريّة القضاء تمامًا على الوجود الأموي، وهذه الشرعية تعتمد تزاوج الدّين في منظومته العقائديّة بالسياسة الجديدة
ولهذا السبب طلب الخليفة أبو جعفر المنصور العبّاسي، بحسب المراجع الإسلامية من ابن إسحاق بكتابة التاريخ
والغرض منه ليس فقط تعليم ولي العهد تاريخ أمّته، ولكن الهدف الأساسي توطيد شريعة حكم بني العبّاس في عقول الرعيّة بواسطة الترغيب والترهيب
فرغم ما قيل عن ابن إسحاق بأنّه دجّال من الدجاجلة، وهو اتهام خطير من الإمام “مالك” الذي عاش في عصره ولأجل كذبه أي ابن إسحاق
لا يؤخذ عنه الحديث، كما تُشير بعض المصادر، والتي ربّما تكون كذبًا وزورًا في حقّ ابن إسحاق
إلّا أنّ تلميذه ابن هشام أخذ منه فأصبح انتماء الرسول محمّد لما يُسمّى أهل قريش واقعًا لا مفرّ منه،
خصوصًا أنّ مركز القرار في العاصمة بغداد بعيدًا بأكثر من 1800 كيلو متر عن مكّة المكان المنسوب إليه مُجتمع قُريش
واستبعاد أرض الشام، أرض الأعداء بنو أميّة كموطن احتمال لبداية الرسالة المحمديّة وانتشارها
فنسبوا لأهل قريش مهنة التّجارة، وجلعوا لهم رحلتين في السنة، لتتوافق مع ما ذكره النصّ القُرآني عمّا يُسمّى قريشًا
فجلعوا لها رحلة تجاريّة في الصيف إلى أرض الشام، وأخرى في الشتاء إلى أرض اليمن
وبالرجوع إلى الخرائط والعقود التجاريّة في تلك الفترة أي القرن السابع الميلادي،
فلا يوجد أيّ دليل ما دي تاريخ كما ذكرت الأستاذة “باتريشيا كرون” يؤكّد هذا الطرح
وبالتالي تاريخية قُريش أصبحت على المحكّ، تتراوح عند الباحثين بين التقليد والرفض بتسليم الرواية في مُجملها
فالرواية الإسلامية بحسب رأيي لا يُمكن تكذيبها بالمُطلق، نعم كانت هناك رحلات تجارية بين الشّام والعراق واليمن عبر القوافل لنقل البخور
لكن مكّة الحالية لم تكن على طريق هذه الرحلات
فللدخول إلى مكّة يجب على القوافل أن تحود عن الطريق مسيرة ستة أيام، وصولًا إليها ثم رجوعًا منها، وهي المسافة تقريبًا بين الطائف ومكّة
إذًا، السؤال المطروح، ماذا يقصُد النصّ القُرآني بكلمة قريش؟ وعن ماذا يتحدث؟
تقول الآية « لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» (قريش: 1) فحرف اللّام في أوّل الآية يقول النحويون خاصة أهل البصرة: أنها للربط بالسورة التي قبلها وهي سورة الفيل.
وهذا غريب! لاختلاف السورتين ووجود البسملة كدليل أخر على هذا الاختلاف، وإلا كان سورة واحدة تضُمّ قصة أصحاب الفيل وأهل قريش
ولتفسير كلمة إيلاف، قال أهل التأويل: معناها نعمة، أي أنّ الله أنعم على قريش بهاتين الرحلتين، ووجود البيت الحرام على أرضهم
وقيل: من الألفة بعضهم بعضًا، وقيل كذلك: معناها النهي عن الرحلة، وأمرهم أن يعبدوا رب ّهذا البيت
وقيل أيضًا بمعنى عادة تعوّدها قريش في رحلاتهم مرتين في السنة، وغيرها من المعاني المُختلفة
مما يدلّ على أنّ علماء التفسير حاولوا إيجاد معنى لعبارة لإيلاف قريش
ولم يستقرّوا على رأي واحد
كلمة إيلاف في رسم المُصحف بدون ألف بعد اللام إيلاف، والهمزة هي من اختراع “الخليل بن أحمد الفراهيدي”، كما قُلنا سابقًا
وبالتالي ايلف من جذر كلمة آرامية بمعنى يتعلّم، وهي قلب أحرف ميتاتيز لكمة ليفا بمعنى يلفّ يبرُم يُحيط،
والتعليم دائمًا يكون على شكل حلقة يكون المُعلّم قُطبها، ولفّة المخطوطات scrolls
أمّا كلمة قريش من أصل كلمة آرامية قريشا معناها سقيفة أو ربما تكون بحرف اللام كما قال أستاذي الدكتور “كريستوف لكسمبرج” فريشا ومعناها الشّرفاء والوجهاء
والأرجح بالنسبة لي بحرف القاف قريشا بمعنى سقيفة للدلالة على البيت الذي جاء في الآية الثالثة
إذًا نفهم ممّا سبق أنّ هناك لفّ وطواف حول سقيفة بمعنى يلفّ على بيت الربّ أو بيت الله بيتال
وهذا الاحتفال عفوًا! التعبدي الديني يُسمّى باللغة الآرامية حجّ بالجيم الآرامية معناها عيد احتفال حلقة رقص، أصبحت فيما بعد زيارة مكان مُقدّس
إذًا الموضوع يدور حول رحلتي الحج، وكما سبق وأن قُلنا في الحلقة الماضية: أن الأسف “إبيفانيوس” تحدث عن رحلة الشتاء والمؤرخ “بروكوبيوس” عن رحلة الصيف
فتأتي الآية الثالثة لتؤكّد المعنى الذي يدور حول بيت الله وشدّ الرحال إليه
ومن أجل والتسوق فبحسب (التناخ) الكتاب المقدّس لليهود فقد كانت قبائل عربية تحج إلى بيت هامقداش لتقديم الذبائح من الأغنام والكباش
وهي قبيلة قيدار قبيلة عربية قديمة في القرن السادس قبل الميلاد
وكذلك نبايوت قبيلة أنباء الابن الأكبر إسماعيل ابن إبراهيم
إشارة للأنباط وذلك في سفر إشعياء الإصحاح 60 العدد 7 «كُلُّ غَنَمِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ. كِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدِمُكِ. تَصْعَدُ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، وَأُزَيِّنُ بَيْتَ جَمَالِي.» (إشعياء 60: 7)
كذلك مذكورة في الإصحاح 21 العدد 16 «فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ» (إشعياء 21: 16)
نكتفي بهذا القدر، ولتكملة الموضوع، كونوا معنا، وإلى اللقاء في الحلقة القادمة!
Download text file
You may also like
