أهلًا وسهلًا بالجمهور الكريم!
في الثلاث حلقات الماضية تحدّثنا عن قصّة أهل الكهف، ورأينا التفاعُل المُباشر بين الخطاب القُرآني والفكر المسيحيّ السريانيّ فيما يخُصّ طبيعة الجسد بعد قيامه من الموت
هذا جدل لاهوتي كان لازال مطروحًا بين المسيحيّين إلى وقت ظهور القُرآن في القرن السابع الميلادي
فقدّم لنا هذه القصة كنموذج من القصص التي تؤيّد قيامة الجسد بعد الموت على حالته الطبيعية
ودعم هذا الطرح في سورة البقرة الآية: 259 سوف نرجع لها بعد التقديم «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة: 259)
في المُقابل وجود فرقة مسيحيّة أخرى تُنكر قيام الجسد بعد الموت بحالته الطبيعيّة.
وعقيدة البعث من الموت هي عقيدة أساسيّة في المسيحيّة كاليهوديّة،
لكن هناك من رجال الدين المسيحيّين من يقول بقيامة الجسد الممجّد، أي بجسد روحاني، وليس بجسد طبيعي.
وعلى رأسهم كما قُلنا سابقًا الأسقف “تيودور” أسقف إيجيا، وأتباعه في القرن الرابع الميلادي
وذلك بموجب الأعداد 42 إلى 50 من رسالة بولس الأولى لأهل كورونثوس الإصحاح 15 «هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ. هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا: «صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلًا بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ.» (1 كورنثوس 15: 42 – 50)
على سبيل المثال يقول بولس في العدد 43 إلى العدد 44 «. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ.» (1 كورونثوس 15: 43 – 44)
وكذلك في رسالته لأهل فيبلي الإصحاح 3 العدد 21 «الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ.» (فيلبي 3: 21)
بالمُناسبة قبل أن نُكمل الحديث في هذا الموضوع أقف وقفة مرّة أخرى للردّ على مسألة مهمّة
وهي أنّ هناك العديد من المتتبعين المسلمين يستفزّهم تقديم مقاطع من التوراة أو من الأناجيل وكأنّني أدفعهم للاعتقاد بهذه النصوص المُقدّسة المسيحيّة واليهوديّة.
وقبولها كبديل للنصّ القُرآني وهذا غير صحيح فالموضوع بكلّ بساطة نُقدّم هذه المراجع لتوضيح العلاقة المينة الوطيدة بين القُرآن والكتب المُقدّسة التي سبقته
لأنّه أي القرآن يُعتبر عند المسلمين امتداد للتوراة والزبور والإنجيل في سياقه العقائدي
أتمنى أن أكون قد وضحّت هذه المسألة نعود للموضوع،
إذًا، قصة أهل الكهف تُظهر أنّ الرُّقاد أو الأموات لفترة مؤقّتة كهؤلاء الفتية تكون بالجسد الطبيعي الحيواني على غرار قيامة “أليعازر” من الموت
وذلك في إنجيل يوحنا الإصحاح 11 من العدد 43 – 44 « وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا!» فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ». (يوحنا 11: 43 – 44)
وليس بالجسد الروحانيّ، فهذا الجسد بحسب العقيدة المسيحيّة سوف يكون عند المؤمن مُمجّدًا، يوم الدينونة.
ولهذا دخل النصّ القُرآني في هذه الجدليّة اللّاهوتيّة، يحسم الموضوع من منظوره العقائدي وذلك في سورة البقرة الآية 259 «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة: 259)
فهذه الآية هي كذلك من الروايات الشفاهية الفولكلوريّة عند السريان في القرن السابع الميلادي بحسب الدكتور “كرستوفر لوكسمبرج”
ومرّة أخرى لا يوجد حيوان بحسب رأيه في هذه القصّة أي حمارك، بل الكلمة في القصة الأصلية (وانظر إلى جمارك ولنجعلك آية للناس). بـ جيم آرامية من كلمة جمارة ومعناها انظر إلى كمالك وقوّة جسدك
«أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة: 259)
ولا يوجد حمار في القصّة، مرّة أخرى نرى حقيقة انعكاس الثّقافة السائدة فيما يخُص علم الأحياء في ذلك العصر، أي القرن السابع الميلادي،
فالآية تقول: «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة: 259)إلى آخره.
فكساء العِظام باللحم في مسألة الخلق تجاوزها علم الأحياء الآن،
لكن في تلك الحقبة وإلى عهد قريب في القرن السابع عشر الميلادي كانت هذه النظرية مقبولة عند منتصف القرن الثاني الميلادي على يد الطبيب الإغريقي “كلوديوس جالينيوس” 129 – 199 ميلاديّة طبعًا
بعد تطورّه للنظريّة التي عند (أرسطو وأبقراط وفيثاغورس) وغيرهم من الفلاسفة والأطباء
فكانت النظرية عبارة عن تحوّل السائل المنوي الذكوري إلى عظام وأعصاب ودماغ أما ماء المرأة يُشكّل الذنب والقلب والكبد واللحم الذي يُغطّي العظام
ما يهُمّنا الآن في هذه النظريات هي مرحلة كسوّ العظام باللحم كما رأينا في سورة البقرة الآية 259
وفي سورة المؤمنون الآية 14 «ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا …» (المؤمنون: 14)
سوف نتطرّق لهذا الموضوع بالتفاصيل في حلقتين أو ثلاثة تخُصّ تطوّر الجنين بين القرآن والكتب المقدّسة والمسيحيّة مُقارنة بالفلسفة والطبّ في العصور الغابرة
نعود إلى موضوعنا الأساسي وهو إيحاء الموت وقيامة الأموات في الفكر المسيحيّ بصفة عامة والسرياني بصفة خاصة
وكما قُلنا مبني هذا الفكر على العقيدة كما رأينا في رسالة بولس الأولى لأهل كورونثوس الإصحاح 15 «هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ. هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا: «صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلًا بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ.» (1 كورنثوس 15: 42 – 50)
وفي أعمال الرسل الإصحاح 9 العدد 36 إلى 42 «وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالًا صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا. وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ، فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ. وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا، وَسَمِعَ التَّلاَمِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا، أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ. فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ، فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَابًا مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ. فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ، فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً. فَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ.» (أعمال الرسل 9: 36 – 42)
وذلك عن سيدة اسمها طابيثا مرضت فماتت فصلّى الرسول بُطرس إلى الربّ لتقوم من الموت وفتحت عينيها ولمّا أبصرت بطرس جلست.. إلى أخره
كذلك في أعمال الرّسل الإصحاح 20 العدد 9 – إلى 12 « وَكَانَ شَابٌّ اسْمُهُ أَفْتِيخُوسُ جَالِسًا فِي الطَّاقَةِ مُتَثَقِّلًا بِنَوْمٍ عَمِيق. وَإِذْ كَانَ بُولُسُ يُخَاطِبُ خِطَابًا طَوِيلًا، غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ فَسَقَطَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ إِلَى أَسْفَلُ، وَحُمِلَ مَيِّتًا. فَنَزَلَ بُولُسُ وَوَقَعَ عَلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ قَائِلًا: «لاَ تَضْطَرِبُوا! لأَنَّ نَفْسَهُ فِيهِ!». ثُمَّ صَعِدَ وَكَسَّرَ خُبْزًا وَأَكَلَ وَتَكَلَّمَ كَثِيرًا إِلَى الْفَجْرِ. وَهكَذَا خَرَجَ. وَأَتَوْا بِالْفَتَى حَيًّا، وَتَعَزَّوْا تَعْزِيَةً لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ. » (أعمال الرسل 20: 9 -12)
على أو عن قصة إحياء الرسول بولس لفتى اسمه أَفْتِيخُوسُ سقط من الطابق الثالث إلى الأسفل ومات،
فهذه القصص المُعلنة في الكتب المُقدّسة المسيحيّة نجدُ مثيلتها في التناخ طبعًا الكتاب المقدّس لليهود
كقصة قام بها النبي إيليا أو إلياس بالدّعاء إلى الله لإحياء طفل صغير بعد موته وذلك في سفر الملوك الأولى الإصحاح 17 العدد 17 – 22
«وَبَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ مَرِضَ ابْنُ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْبَيْتِ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ جِدًّا حَتَّى لَمْ تَبْقَ فِيهِ نَسَمَةٌ. فَقَالَتْ لإِيلِيَّا: «مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟». فَقَالَ لَهَا: «أَعْطِينِي ابْنَكِ». وَأَخَذَهُ مِنْ حِضْنِهَا وَصَعِدَ بِهِ إِلَى الْعُلِّيَّةِ الَّتِي كَانَ مُقِيمًا بِهَا، وَأَضْجَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، أَأَيْضًا إِلَى الأَرْمَلَةِ الَّتِي أَنَا نَازِلٌ عِنْدَهَا قَدْ أَسَأْتَ بِإِمَاتَتِكَ ابْنَهَا؟» فَتَمَدَّدَ عَلَى الْوَلَدِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا رَبُّ إِلهِي، لِتَرْجعْ نَفْسُ هذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ». فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ فَعَاشَ.» (ملوك الأول 17: 17 – 22)
وقصّة إحياء النبي أليشع لصبيّ وذلك في سفر الملوك الثاني إصحاح 4 العدد 32 – 35 «وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ وَمُضْطَجعٌ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَى نَفْسَيْهِمَا كِلَيْهِمَا، وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ. ثُمَّ صَعِدَ وَاضْطَجَعَ فَوْقَ الصَّبِيِّ وَوَضَعَ فَمَهُ عَلَى فَمِهِ، وَعَيْنَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَسَخُنَ جَسَدُ الْوَلَدِ. ثُمَّ عَادَ وَتَمَشَّى فِي الْبَيْتِ تَارَةً إِلَى هُنَا وَتَارَةً إِلَى هُنَاكَ، وَصَعِدَ وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَعَطَسَ الصَّبِيُّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فَتَحَ الصَّبِيُّ عَيْنَيْهِ.» (ملوك الثاني 4: 32 -35)
مقاطع تعكس مفهوم البعث والقيامة من الموت تبنّاها النصّ القُرآنيّ في العديد من الآيات وعلى رأسها الآية 18 من سورة الكهف «وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا» (الكهف: 18)
والبقرة: 259 «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة: 259)
في حين نجد هذا النصّ القُرآني أشار إلى الجدليّة اللاهوتيّة بين بعض علماء المسيحيين فيما يخُصّ طبيعة الجسد الميّت الذي يقوم من بين الأموات والخُلاصة الجدليّة في علم اللاهوت عند المسيحيّين هي كالتالي:
إذا كانت قيامة الميّت المؤمن لفترة محدودة في الزّمان فهو يقوم بجسده الطبيعي الحيواني،
أمّا إذا كانت قيامته أبديّة فتكون بالجسد المُمجّد الروحانيّ الذي لا يحتاج أكل وشُرب
أمّا القُرآن قد تبنّى مسألة قيامة الجسد حتى يوم البعث بالجسد الحيواني الذي يحتاج للأكل والشرب والجنس، وذلك في الجنّة والنّار
كما تُفيد العديد من الآيات كسورة الواقعة من 10 حتى الآية 56
فهذه جدليّة اللّاهوتيّة لم يتنّبه لها علماء الإسلام ربّما لعدم معرفتهم بالفكر المسيحيّ من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السابع الميلادي عند ظهور الإسلام
أو تجاهلوها حتّى لا يُتّهم القُرآن بالأخذ من التراث المسيحي القديم
نكتفي بهذا القدر وإلى اللقاء في الحلقة المُقبلة!
Download text file
You may also like
