برنامج “الإمام الطيب” – الحلقة 22

فضيلة الإمام “الطيّب” شيخ الجامع الأزهر ما زلت أقرأ، وما زالت الحيرة تتملكني، أمبارح كُنت أقرأ كتاب عن الخلافة،

طبعًا كثير جدًا من الجماعات المُتطرّفة بتبني أحلامها على استعادة الخلافة،

بتكلم وتخاطب وبتداعب حتى وجدان النّاس، علشان تقرّبها من، من خلال حلم الخلافة

الحقيقة إنّه أنا بحثت عن الخلافة في القُرآن، فلم أجدها، وإحنا عارفين إنه من سنتين واحد طلع كده في العراق “أبو بكر البغدادي” وأعلن نفسه خليفة للمسلمين.

ما هي حقيقة الأمر؟ وأنا لم أجده في القرآن إطلاقًا

شوف يا سيدي، يعني موضوع الخلافة ده في الخطوط العريضة، طبعًا الخلافة كانت موجودة لحد 1924

نعم حين إحنا سقطت الدولة العثمانية

في مارس الخلافة كانت الدولة أو الخلافة العثمانية، على ضعفها في ذلك الوقت، وعلى تشتتها وعلى يعني انهزامها في كل ميدان إلى أنها كانت تُمثّل بالنسبة للغرب تخوّف

وهو أنّ هناك تحالُف للمسلمين،

نحن نعلم طبعًا أن مش هذكر التاريخ بتفاصيله، وإنما بعد الحرب العالمية الأولى انهزمت تركيا لكن بتدخل من دول الحُلفاء وخاصة بريطانيا عملوا “كمال أتاتورك” كأنّه بطل

يعني أعاد الجيوش البريطانية وجيوش الحلفاء واليونان يعني دفع أو أقصاهم إلى اليونان

وبعد ذلك نفّذ المُخطط وهو إسقاط الخلافة الإسلامية.

وقال: إنه ورم ورثناه من العُصور الوسطى، فكان مُخطط لهذه الخلافة أن تسقُط.

واستراح الغرب راحة كبرى بعد سُقوط هذه، لأنّ أولًا أراهم من بوعبوعين إذا صحّ هذا التعبيرمعلش، أو من عفرتين العفريت الأول وحدة المسلمين والعفريت الثاني يعني هو وحدة الأراضي الإسلامية

وبعد ذلك

تقسيم عملية

عملية التقسيم، أو الاستمرار في مشروع التقسيم واستعمار هذه..

لحد ما بقالوه شرعية دولية

طبعًا شرعية دولية، بعد 1924 بعام واحد، طلع شيخ أزهري اسمعه الشيخ “علي عبد الرازق” أخو الشيخ “مصطفى عبد الرازق”، الأستاذ العظيم الجليل الي كان شيخ الإسلام، وكان تعلم في فرنسا.

الشيخ علي عبد الرازق، أنا لا أتحدّث عن بواعث، بواعثه في تأليف كتاب اسمه (الإسلام وأصول الحكم).

هذا الكتاب عنوانه (الإسلام وأصول الحكم، بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام). ده الشيخ على عبد الرازق هذا الشيخ الأزهري، وطبعًا هو من خريجي الأزهر وقُضاة المحاكم الشريعة، وطُبع 1925 بل في السنة دي طع 3 مرات

1925 يعني ده في العام التالي مباشرة على لسقوط الخلافة

قبل أن يمر عام ظهر هذا الكتاب الي هو (الإسلام وأصول الحكم) بالتوازي كان، “السنهوري” باشا يدرس في فرنسا موضوع الخلافة واعتقد أنه (جامعة ليون)، يعني تفرّغ لدراسة (الخلافة في الإسلام)

رسالته كانت (فقه الخلافة وتطورها لتصبح عصبة أمم شريعة)

ده كان رائع أنا قرأت أجزاء منه

هو كتاب جميل، يعني خصّص جزء منه لنقد هذا الكتاب. وتحت عنوان رأي مشابه.

وتناول لأن هذا الكتاب انتهى إليه الشيخ علي عبد الرازق، انتهى إلى أن الإسلام دين وليس دولة.

وبالتالي، فضّوكم من حكاية الخلافة، ده دين ولا ليه نظام حُكم، ولا نتكلّم عن نظام ولا نتدخل في أنظمة الحكم على الإطلاق

ولا طلب من المسلمين أن يكون له نظام في الحكم،

وقال: إن الخلافة إذا استثنيانا 30 سنة، الي همّا يعني فترة الخلفاء الراشدين فالخلافة كانت تُمثّل نوعًا من دكتاتوريّة في الحكم.

وجوب الطاعة

نوعًا من التذلّل، ونوع من التغلب، حتى استعمل كلمة (قهر الناس)

فطبعًا ده موقف يمشي مع موقف كمال أتاتورك الي كان قبله، الدكتور السنهوري كان في ذلك الوقت عبّر عن يعني وأنا قرأت نقدُه هنا، نقد لاذع جدًا

سواء الفكرة نفسها بالأدلة، لأن ده بيقدّم بين يديه أدلة على أنّ الإسلام دين..

استأن حضرتك ألقي نظرة عليه

وليس دولة، وتعقّبوا في فكرته وقالوا: كلامك غير صحيح، بعد ما صدر هذا الكتاب أيضًا تعقّبه شيوخ كبار من الأزهر ردّوا عليه.

يعني حتى الشيخ “طاهر بن عاشور” من تونس، هنا الشيخ “خضر حسين”، ويعني الشيخ “عرفة” مجموعة كبيرة من العلماء تصدوا

وطبعًا معروف قصته أنه تحول إلى قضية وإلى.. المهم إن الكتاب الدكتور السنهوري الي هو صدر 1926، كرسالة باللغة الفرنسية

اسم الرسالة بتاعته (فقه الخلافة) يعني كان يؤمن بالخلافة وبييبن فكرها وتطورها وكيف تطورت أو كيف يرى تطوّرها لتنتهي إلى أن تُصبح عُصبة أمم شرقيّة

طبعًا أصله رسالة باللغة الفرنسية في جامعة ليون وطُبع وتُرجم إلى اللغة العربية سنة 1989 ترجمته الدكتورة “نادية”.

وهذا هو هذه النّسخة العربية المُترجمة.

أنا قرأت عنها طبعًا وقرأت أجزاء منقولة في كتب أخرى، لكن الحقيقة إنه لو هتسمح لي استعير النسخة دي

لا أتفضل، أنا مش ههرب منك لكن هو موجود

مُهم جدًا بالتأكيد، لاكن يُمكن هذا الكتاب الأصلي دون قراءة النّقد

نعم، هذا الذي أريد أن أنبّه عليه الذي يريدون أن يتحدّثوا يجب أن يقرأوا في الكتابين معًا

منذ ذلك الوقت وأصبح موضوع الخلافة نهبًا أو حبل مشدود بين الطرفين.

بين العلمانيين الذين يتشبّثون بكلام الشيخ على عبد الرازق ويستشهدون به، لتثبيت مقولتهم أن الإسلام دين وليس دولة، كفى كلامًا عن تطبيق الشريعة وكفى كلامًا عن إنه يكون هناك نظام للحكم مُتقيّد بالشريعة إلى آخره

هو إحنا محتاجين منطقة وسط بين الكتابين

بالضبط،

أو بين النظريتين

لا أنا مبقولش الكتاب التاني خد الطرف المقابل، هو الوسط في الكتاب الثاني

لكنه، بيتخذ كزريعة عند العلمانيين، أو الناس الي هما ضد إعادة الخلافة

الي بيتاخد زريعة الكتاب الأوّل لأنّه هذا شيخ من الأزهر، ولذلك هما طبّعوه، حتى الآن طبع طبعات فاخرة جدًا ورخيصة جدًا لنشر فكرة أنّ الإسلام دين وليس دولة، وليقولوا: أنّ المجتمع ممكن أن يعني يستورد أي قوانين زي ما حدث في استرداد القوانين الفرنسية، لتبرير..

القوانين الوضعية

القوانين الوضعية، فأصبح يعني ده معركة بين العلمانيين وبين الإسلاميين الذي يرون أنّ هؤلاء العلمانيين يريدون القضاء على ذاتية الدولة أو على ذاتية الدول الشرقية

وعلى يعني خُصوصيتها وعلى هويتها على ثقافتها، والحرب لم تنتهِ حتى الآن

يعني إذا أردت أن أخلّص هذا الكم القليل الذي قلته، هو أنّ الخلافة الإسلامية التي سقطت 1924 بتدخُل الغرب كانت تُشكّل بالنسبة للغربيين نوع من القلق ونوع من التوتر والخوف على الغرب

بعد ذلك الشيخ على عبد الرازق، هو أول من كتب في موضوع الخلافة وبدون مثيرات، وبدون بواعث اللهم إلا إذا كان يُريد أن يعني يُبرّر ما صنعه كمال

أتاتورك

اتاتورك

لإسقاط الخلافة العثمانية

إسقاط الخلافة العثمانية، أو قيل وقتها: الملك يريد أن يكون خليفة المسلمين، فهو تصدّى لهذا، قيل هذا الكلام،

لكن الحقيقة أن هو تزامنًا تقريبًا مع سُقوط الخلافة ألّف هذا الكتاب الذي انتهى فيه إلى تأييد فكرة أنّ لا توجد خلافة في الإسلام، وأنّ الإسلام دين وليس دولة، وأنّ الخلافة هي نوع من اقتصاد إرادات الناس وحقوق الناس والتعدّي على حقوق الإنسان كما يُقال

وتزامن أيضًا أن تصدّى السنهوري باشا في رسالته في فرنسا للردّ على هذه الرسالة،

موقف الأزهر أيضًا كان رفض ما قاله الشيخ علي عبد الرازق،

الشيخ علي عبد الرازق، واتهمه بأنّه رجل فرّط في أزهريته وفي عقيدته وعلماء كثيرون من خارج مصر ومن داخل مصر من علماء الأزهر نقدوا هذا الكتاب ورفضوه وقالوا: إنّ الإسلام ليس كما تقول: دين وليس دولة إنه دين ودولة، في نفس الوقت.

هو فعلًا يا مولانا مُعظم كتب السياسة الشرعية الي بتتحدث عن الخلافة بتتكلم عن وظيفتين للخلافة، حراسة الدين، وسياسة الدنيا، حراسة الدين وسياسة الدنيا، يعني إيه يا مولانا؟

يعني المطلوب من ولي أمر المُسلمين لأنّه في ذلك الوقت هو طبعًا ده مش حديث

طبعًا اتفقنا

في ذلك الوقت كان هناك خليفة واحد وله ولاة في الأقاليم كلها، مهمة الخليفة هو أن يحرس الدين يعني بحيث أنّ الدين لا يُأتي لا يُقاوم،

ويحمي دور العبادة

يحمي دور العبادة طبعًا، ده بشكل عام، وفي نفس الوقت يعني يُقيم شرع هذا الدين في الرعيّة، يعني كما قُلت حضرتك في العبارة،

حراسة الدين وسياسة الدنيا، يعني يسوس الدنيا

يوس الدنيا

يقود الدنيا

يقود الدنيا

يسود الدنيا يعني يُطبّق فهم الدين في المدنية، يعني في الزواج وفي الطلاق وفي البيع والشراء في كل أمور الحياة، وفعلًا كانت الشريعة تحكم الأمة الإسلامية إلى دخول الحملة الفرنسية

هنا يا مولانا لما بنقول: سياسة الدنيا، المقصود بها سياسة بمفهومها التقليدي؟

ليس بالمفهوم الآن، سياسة يعني مُعاملة

تسيير شؤون

تسيير شؤون الناس الدنيويّة

بالدين

بالدين،

البعض هنا ممكن يحتجّ ويقول: ده خلط ما بين السياسة والدين، والسياسة فيها من أمور الحياة.

هنرجع تاني ونقول: علاقة الإسلام أو علاقة الدين بالدنيا في الإسلام. علاقة مُختصرة بردو أنا بدي رسائل هنا كلام كتير جدًا

طبعًا

الإسلام يتدخّل في شؤون الناس في الأمور التي تحتاج إلى تحديد ولا تتغيّر من زمان إلى زمان ولا من مكان إلى مكان ولا من عصر إلى عصر ولا من حضارة إلى حضارة

وهي العبادات والأخلاق، يضع فيها تحديدات صارمة ولا يسع المُسلم أن يخرُج عنها كالصلاة والصوم والحج

كل هذه العبادات نؤدّيها الآن كما كان يؤديها النبي صلى الله عليه وسلم، وكما سيؤديها أي مسلم حتى لو وصل الناس إلى المريخ

هنا أجد نوع من الأحكام واضح، لكن هناك أمور أخرى وما أكثرها، وما أكثرها لأنّ مثلًا آيات الأحكام قليلة جدًا في القُرآن الي هي هذه الأحكام مثلًا زي نظام الحُكم

أو يبقى في خليفة ولا يبقى فيه ملك ولا يبقى فيه رئيس ولا يبقى فيه حكم فيدرالي

الإسلام في هذه الأمور ترك الناس

بما يلائمهم

بما يلائمهم، ولكن وضع لهم قواعد كلية، أو إطار عام أخلاقي أنا أقبل النظام الذي يُحقّق مثلًا مُساوة الناس ده الإسلام

لكن النظام الذي يقوم على الطبقيّة وأن كذا وكذا كما كان موجدًا يرفضه الإسلام

فإذًا الأمور المُتحرّكة الأمور المتحركة بطبيعتها والمُتطوّرة، والتي لا يمكن أن نجمد فيها على صورة واحدة نُجاري بها تطوّر الزمان والمكان

الإسلام يضع فيها مفاهيم عامة، ويترك للمسلمين اختيار الشكل الذي يُناسبهم أو يُناسب عصرهم الذي يعيشون فيه

فحينئذٍ لا أستطيع أن أقول: إنه لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، لا في دي في السياسة، نعم، سياسة الدين يعني إذا فهمنا السياسة بالمفهوم المُعاصر

وهي أنها مثلًا في مبدأ الغاية تُبرّر الوسيلة لا الإسلام يرفض هذا، مهمها كانت الغاية عظيمة لو أن الوسيلة تتعلق…

الوسيلة لازم تكون شرعيّة

تقوم على قتل واحد فقط، يلغي كل الغاية، يبطل كل شيء

السياسة بهذا المفهوم اه نعم، (السياسة المكافيلية) مش عارف، السياسات التي تقوم على صراع بين الناس الإسلام يرفضها وهنا يرفضها تمامًا

لكن الدين يتدخّل في السياسة موجّه، موجه لها، ويقول لها: لها الخير من هنا، أو منفعة الإنسان من هنا، ومضرة الإنسان من هنا فاحذري يوجه

بالنسبة للمسلمين هذه الأمور المتحرّكة بطبيعتها كما قلنا، لا يمكن أن يضع فيها صورة مُحدّدة وإلا كان اصطدم المسلمون من زمان بحياتهم وكان تخلّصوا من هذا الدين.

لكن عيشنا يعني نقول 1200 سنة ونحن نتحرّك تحت ظلّ الشريعة الإسلاميّة قبل أن يأتينا النظام الفرنسي، فكانت الشريعة وكان الفقه مُطبقًا في كل شؤون الإنسان

قبل بدء تطبيق القوانين الوضعيّة؟

القوانين الوضعية، لكن المشكلة أن هناك قوانين يُراد لها أن تُسود العالم الإسلامي وأن تختفي القوانين الإسلامية،

طبعًا تخوفات كثيرة جدًا تخوفات كلام كثير، وتخوّفات يعني يرجع الزّمن فيها إلى الحروب الصليبية وما قبلها كمان

لأنّ هناك ناس مش نايمين بيدرسوا وبيتحرّكوا بناء على رؤى تاريخية قديمة وبناء على رؤى مستقبلية، وماذا يمكن.. وهم دائمًا يتخوّفون من الإسلام

وشوف حضرتك إحنا وصلنا لما يسمى بـ (الإسلاموفوبيا) مبيرضوش إلا بهذا اللّقب الآن

يعني لأن لقب هو الإسلاموفوبيا معناها المرض. يعني الإنسان الي يُصاب بمرض الخوف من حاجة ..

هو إحنا أحيانًا بنساعد على تعزيز هذا المفهوم، بسبب عدم الفهم

ما في شك، طبعًا

المفهوم التقليدي يا مولانا لمسالة الخلافة إن يكون في دولة خلافة كبرى تضمن الأمم الإسلامية حتى نكون أمة إسلامية واحدة،

نعم،

النهاردة إحنا بنتكلم على 2 مليار مسلم تقريبًا على مستوى العالم عندنا أكتر من 50 دولة أغلبية سكانها مسلمين، هل يمكن أن يبقى في خلفة واحد، أو خلافة واحدة تجمع كل هذه الدول، ولا من الجائز وفقًا للمفهوم الإسلامي إن يبقى في عدّة خلافات

في الحلقة القادمة

إنما النبي صلى الله عليه وسلم، لم يحدد لنا صورة محددة، أمرنا أو نصحنا بأن نلتزم بها

الخلافة ليست نصًا في القرآن وإنّما هي فقه واقع كما قُلنا


Download text file

Al-tayed season1-22

You may also like

برنامج "الإمام الطيب" — الحلقة 4
في الحلقة السابقة طيب أمام كل هذه القيم المهمة في الإسلام المتعلقة [...]
0 views
برنامج "الإمام الطيب" — الحلقة 3
سؤال في غاية الأهمية الحقيقية يتعلق بالمرأة والدعاوي المتعلقة بالمرأة [...]
4 views
برنامج "الإمام الطيب" — الحلقة 2
في الحلقة السابقة فضيلة الإمام "الطيب"، تحدثنا عن أهمية التجديد، ضرورة [...]
6 views
برنامج "الإمام الطيب" — الحلقة 1
هذا ينقلنا بالتأكيد، إلى السؤال الأهم والأبرز ونحن نتناول قضية [...]
1 views

Page 6 of 6

اترك تعليقاً