التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 30 | هل محمد قبة الصخرة هو نفسه محمد القرآن؟

أهلًا بكم!

في الحلقة الماضية تحدّثنا عن نقش قُبّة الصخرة، وعرفنا أنّ كلمة محمّد تعني مُبارك وممجّد، ولا تعني نبيّ عربي اسمه محمّد

لأنّ السياق لا يسعف هذا الطرح والمُبارك الممجّد الآتي باسم الربّ هو المسيح بن مريم

في كل نصّ قبّة الصخرة نجد هذا التناسُق بين الكلمات يتحدّث عن موضوع واحد، وهو إشكالية شخصية المسيح التي كانت ولا زالت موضوع نقاش بين الطوائف النصرانية والمسيحية، كذلك بين العقائد الأخرى كاليهودية والإسلام

الغريب أنّنا نجد مُعظم هذه المقاطع نقش قبّة الصخرة، متناثرة في سور القرآن،

 لو أخذنا على سبيل المثال جهة الجنوب الشرقي من القبّة نجد مقطع

«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (الأحزاب: 56) نجده في سورة الأحزاب الآية 56

بينما مقطع جهة الشرق «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ…» موجد في (سورة النساء، الآية 171)

وهكذا نجد مقطع من سورة مريم، آل عمران، ، والأحزاب والنساء، وإلى آخر

في حين أن المقطع واحد متناسق، فعبارة (محمّد عبد الله ورسوله)، لا توجد في القرآن رغم وجود كلمة محمّد أربع مرات كما سبق وقلنا في القرآن

في سورة آل عمران 144، الأحزاب 40، الفتح 29، وأخيرًا محمد رقم 2.

لو أخذنا سورة آل عمران: 144 «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ» إلى آخره،

 نُقارنها بالآية 75 من سورة المائدة «مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ…» إلى أخره..

طيب، نُكمل آية آل عمران، «…أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ…» (آل عمران: 144)

السؤال المطروح، من الشّخص الذي اختلف الناس في موته؟ هل هو نبيّ العرب، أم المسيح؟

الجواب موجود في الآية 157 من سورة النّساء «وَقَوْلِهِمْ (أي اليهود) إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ (هنا القتل بالنّسبة للقرآن على لسان اليهود) رَسُولَ اللَّهِ…»

وفي إنجيل يوحنّا يُفيد موت المسيح حيث جاء في الإصحاح 19 الآية 33 «وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ.» (يوحنا 19: 33)

أمّا بالنسبة للإسلام «شُبّه لهم» قتله وصلبه وموته، إذًا الحديث في آية آل عمران تعني المسيح.

أمّا ما يُسمّى بأسباب النزول وقصة موت الرسول في معركة أحد، لا تقف على أرضية صلبة من الناحية التاريخية ولا من حبكة القصّة نفسها

خاصة أنّها كتبت بعد أكتر من قرن ونصف على مرور الحدث

نرجع لباقي الآيات التي تحمل كلمة محمّد

الأحزاب: 40. «مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ…»

هذه الآية وضعت في هذه السورة رغم صيغة الماضي (ما كان)

لتعزيز قصة “زيد بن الحارثة” وتطليق زوجته لصالح سيده وقائده معلمه

رغم أنّ كلمة زيد لا تعني بالضرورة، أحد أسماء أو أحد اسمه زيد بن الحارثة

فكلمتيّ زيد وعمر تُفيدان التعميم بمعنى، أيّ شخص.

نعود للآية « مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ…»

والمسيح نفسه حسب (إنجيل متى) حذّر تلاميذه من أن يدعوه أحدهم أبوهم

أدعياء كما جاء في آية 37 من الأحزاب، يقول إنجيل متى الإصحاح 23 «وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.» (متى 23: 9)

إذًا، يا زيد، ويا عمر لا تدعو لك أبًا على الأرض، غير أباك الأرضي الحقيقي وأباك السماوي،

 أما خاتم النبيين ليس بالضرورة معناها آخر الأنبياء، وخاصة في ظلّ ظهور أنبياء كذبة من حين لآخر

وخاتم النبيين إشارة لسفر الرؤيا ليوحنّا اللّاهوتي، يتحدّث عن يوم الدينونة، يوم القيامة

ففي الإصحاح السابع الآية 2 «… خَتْمُ اللهِ الْحَيِّ…» الذي يختم به 144000 من أسباط بني إسرائيل في الآية من 4 إلى 8

« جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ … وَاقِفُونَ … وَأَمَامَ الْخَرُوفِ (الضحية يسوع المسيح)،… وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لإِلهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ». (رؤيا 7: 9 -10)

والخروف كما قلنا رمز للسيّد المسيح

الآية 10 فالمسيح بحسب هذا الإصحاح، يختم الأنبياء والمؤمنين به ليضمن لهم الخلاص الأبدي

هذا الخاتم موجود على جباههم حيث جاء في الإصحاح 14 يتحدّث عن الخروف كرمز للمسيح كما قُلنا

« ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ (لاحظوا كلمة أبيهم) مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ.» (رؤيا 14: 1)

هذا هو الطابع، فهؤلاء المختومين، يأمرهم ملاك في الآية 7 بالسجود «قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ، وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ». (رؤيا 14: 7)

وهذا يُحيلنا لكمة محمد في سورة الفتح الآية 29 « مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ (انتبهوا هنا) فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ…» (الفتح: 29)

وآثار السجود ليس معناه الزبيبة على جباه بعض المصلين، والدليل أنّ النساء لا يوجد عندهن زبيبة أو دينار الصلاة

ولا عند بعض المُصلّين الذين يسهرون على نظافة المكان الذين يُصلون فيه

فالزبيبة هي في الحقيقة مرض جلدي أو حساسية تنتج عن تكاثُر أشكال جُرثومية على الجلد بحسب الأوساخ الموجودة أو بسبب الأوساخ الموجودة في السجّاد

ولا علاقة لها بآخر آية في سورة الفتح،

ولمواصلة الموضوع وفهم «والذين معه أشداء على الكفّار» كونوا معنا في الحلقة القادمة وإلى اللقاء!


Download text file

Early History of Islam 030

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 127 | سر ذبح بقرة موسى
أهلًا بالمُتابعين الأفاضل! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة القُرآن، ككتاب [...]
20 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 126 | البقرة الحمراء وبناء معبد اليهود في القدس
مرحبًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن البقرة الحمراء [...]
13 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 125 | بقرة موسى صفراء أم حمراء؟
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! مازلنا في إطار الردّ على تعليق الحلقة [...]
11 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 124 | إشكالية نص القرآن (الرد على أحد التعليقات)
أهلًا وسهلًا بكم مرّة أخرى أعزائي الكرام! في الحلقات الماضية، كنا [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 123 | محمد لم يأت بدين جديد
أهلًا بكُم أحِبائي الكِرام. في الحلقة الماضية كنّا تحدّثنا عن كُتب [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 122 | القرآن هو أجبية وقريان العرب
أهلًا بكم أعزّائي الكرام! لا زلنا ضمن سلسلة دراسة أصول القُرآن، [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 121 | هل يجيد الرسول القراءة والكتابة؟
أهلًا بكم مُشاهديّ الكرام! بعد سلسلة من الحلقات حول القراءات [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 120 | إشكالية التنقيط في القرآن
تحيّة محبّة واحترام لكُم مُتابعينا الكرام! كنّا قد تكلّمنا في الحلقات [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 119 | أقدم طبعة للمصحف
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن ظهور القُرآن [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 118 | فوضى القراءات المختلفة في للقرآن
تحية محبّة وأخوّة لكُم مُتابعينا الكرام! في الماضية كنّا بدأنا الحديث [...]
5 views

Page 1 of 13

اترك تعليقاً