أهلًا بالجمهور الكريم!
اليوم سوف نتحدّث عن موضوع خاص جدًا، حول مفهوم سورة الكوثر،
طلب مني صديقي الأستاذ “محمد عماري” تفسير هذه السورة بحسب علم الفيلولوجيا.
وطلب منّي أيضًا أن أشاهد فيديو على اليوتيوب لأحد الأخوة الفلسطينيين على ما أظنّ أو ربّما من عرب إسرائيل يُفسّر لنا كلمة الكوثر،
المهم، أنّه فسّرها بالكوشر يعني حلال بالعبري.
يقول: محمّد حصل على التأهيل بالنّحر الذي يخُصّ الحاخامات اليهوديّة ويُصبح طعام ما نحره حلال
أولًا، وقبل الردّ على هذه الأطروحة، نعود لتفسير عُلماء الإسلام في كلمة الكوثر، ثم نرى الإشكالية المطروحة وكيف نحُلّها
اختلف المُفسّرون في كلمة الكوثر على 8 أقوال،
القول الأول: الخير الكثير، القول الثاني: القرآن والعلم، القول الثالث: النبوءة والرسالة، القول الرابع: كثرة أتباعه، القول الخامس: حوض الجنة الذي تصب فيه أنهارها، والقول السادس: نهر اسمه الكوثر بحسب حديث صحيح.
وهذا المعنى هو الأكثر ترجيحًا عند أهل التفسير.
والقول السابع: هم ذرية الرسول كما جاء في (التفسير الكبير) “للرازي” لأن السورة نزلت في بحسب رأيهم، في “العاص بن وائل” الذي عاير محمد بالأبتر، أي ليس له أولاد ذكور.
وقيل بل نزلت “عُقبة بن أبي مُعيط” وهذا التفسير يؤيّده أحباءنا الشيعة، للقول بالقول الثامن: إنّ الكوثر هي بنت رسول الله “فاطمة الزهراء” صلوات الله وسلامه عليه
الآن، سورة من أصغر السور في القُرآن، يختلف عُلماء التفسير على كلمة واحدة، بثماني معاني مُختلفة،
3 آيات «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر» (الكوثر: 1)َ (أي إنّا أعطيناك يا محمد نهرًا اسمه الكوثر في الجنّة) وهنا لنا وقفة ونتساءل، هل أعطاه الله وحده دون غيره؟
أم هو لأهل الجنّة التي عرضُها السموات والأرض، كما يقول القرآن في العديد من الآيات
التفسير الأوّل، أو القول الأول: الخير الكثير. أكثر إقناعًا من نهر في الجنّة، أمّا بالنسبة لفاطمة الزهراء تسُمّى بالكوثر لماذا؟
ما معنى الكوثر؟ وما هي رمزيته؟ من أين جذر كلمة اشتُقت؟
الآية الثانية” « فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ» (الكوثر: 2) هنا المسألة واضحة لا تحتاج لشرح، فالله يأمر مُحّمد بالصلاة والنّحر.
ولهذا السبب الأستاذ فرضيّته صاحب تفسير الكوثر بالكوشر على كلمة وانحر، إشارة للدّبح الحلال كوشر،
وهنا لنا أيضًا نقف مرّة أخرى للتفكير، فكلمة نحر، جاءت مرّة واحدة في القُرآن في هذه السورة،
بينما كلمة ذبح على الأقلّ ذُكرت 9 مرات بمعنى تقديم ذبيحة، كبقرة قصّة موسى في سورة البقرة
وبمعنى التأديب والقتل في قصّة سليمان مع الهدهد في سورة النمل،
أو الأضحية في قصّة إبراهيم مع ابنه في سورة الصّافات وغيرها.
فنتساءل لماذا جاءت كلمة فانحر يتيمة في القُرآن؟
والنّحر معناه قتل حيوان كبير، كنحر الجمل أو النّاقة، وهذا ما لا يوجد في التشريع الإسلامي
آيتين 3 أمور مختلفة، نهر في الجنّة، أو فاطمة، فصلّي ثمّ فانحر،
لتأتي الآية لتزيد الطينة بلّة، «إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» (الكوثر: 3)
بمعنى شخص “كالعاص بن وائل”، يُعاير الرسول فيردّ الله عليه من فوق 7 سموات بأنّه هو الأبتر، كنوع الرّدح للأسف!
وهذا ما يجعل الكثيرين من الشباب اليوم، يتعجّبون من وجود ردح في القُرآن
والإشكاليّة أنّ القُرآن لا يُقدّم ردحًا للردّ اعتبار لأحد، فهذا من خيال أهل التّفسير والتأويل
فالردّ على كلّ هؤلاء يجب أن يكون على أسس علمية فيلولوجيا،
وقد شرحها لي أستاذي “كرستوف لكسمبرج” المُتخصّص في علم مُقارنة اللّغات السامية القديمة،
وبالمُناسبة هو ليس مُستشرقًا كما يتوهّم البعض، وإنّما ابن بلد يُعتبر عربيّ، وهو لُبنان،
ماذا قال أستاذي عن هذه السورة؟ الآية الأولى «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر» (الكوثر: 1)
والكوثر باللغة الآراميّة بالواو كوثر بمعنى الثبات والاستمرارية، وهذا الاستمرارية على ماذا؟
على الخير أو على الخبر الذي جاء في الآية، وهي الصلاة، فصلّي لربك بمعنى أنّ الله يُعطي لأي مؤمن الثبات والاستمرار والمواظبة على الصلاة
وكذلك «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ» (الكوثر: 2) وانجر بالجيم الآرامي، وليست الجيم بمعنى نشر نحت نجر أصلح، لأنّ النجّار معناه الذي يُصلح الخشب،
إذًا، يُعطي المؤمن الثبات والاستمرارية على الصلاة وعمل الخير والإصلاح، ثمّ تأتي الآية الأخيرة للتّحذير وليس للرّدح
فتقول: «إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» (الكوثر: 3) أولًا الهمزة هي من اختراع “الخليل ابن أحمد الفراهدي”،
وتقول المراجع الإسلامية: قُريش كانت تُسهّل الهمز. كما تُخبرنا مصادر القراءات المُختلفة
ثانيًا: بمعنى الذي يكرهك، مبغضك وعدوك، وهي كناية عن عدوّ الخير، أي إبليس
هو الذي بترك من بتر فسر فتر، بمعنى يُبعدك ويُخلّفك عن ما تُقدّم الصلاة وعمل الخير والإصلاح
خُلاصة القول، في شرح سورة الكوثر، الله يُعطيك أيّها المؤمن الثبات والاستمرارية في أداء الصلاة وعمل الخير،
فصلّي أيّها العبد الصالح، واعمل صالحًا واحذر إن إبليس عدو الخير هو الذي يُبعدك ويُفصل عن الصلاة وعمل الخير. بكلّ بساطة!
فلا فاطمة، ولا نهر في الجنّة، ولا ردح، ولا “العاص بن وائل” في السورة
فالقُرآن ابن بيئته نشأ وسط أهل الكتاب، فيُذكّرهم بآيات مُحكمات من الكتاب المُقدّس،
وأيضًا مُتشابهات تُشبه القصص والأمثلة الموجودة في الموروث اليهوديّ والنّصراني كما قولنا: كقصة أصحاب الكهف، وهم فتية أفسس
وقصّة إبراهيم لتكسير الأصنام، من (مدراش ربّى)، ومجلّة لُقمان التي عرضها “سويد بن صامت” على محمد بحسب السيرة، وغيرها من التلاقحات الفكرية والدينيّة لشعوب الشرق
نكتفي بهذا القدر، وإلى اللّقاء في الحلقة القادمة!
Download text file
You may also like
