التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 5 | مع محمد المسيّح

أهلًا بالجمهور الكريم الحلقة الماضية ذكرنا نقطتين مهماتين وهي

أولًا الحروف العربية التي دونت بها أقدم المخطوطات العربية لا تنتمي لمكة والمدينة كما هو مشاع

النقطة التانية وهي أن القرآن لم يكن محفوظًا في الصدور كما هو مشاع كذلك

وقولنا عندما تغيب المعرفة من المعاير العلمية تكثر الخرافة والأسطورة

فيستغل بعض الإستغلاليين هذا الجهل فيبيعون الوهم وهذا مارأيناه

في أدعاء مسؤل جامعة برنجهام بإمتلاكهم أقدم مخطوطة قرآنية في العالم

وختمنا الحلقة بالقول أن أقدم مخطوطة في العالم بإجماع معظم المتخصصين في علم المخطوطات

هي طرس/ طلس صنعاء تحت رقم علمي DAM01-27.1

قبل الحديث عن هذة المخطوطة لما نقول كلمة طرس/ طلس نقصد بها رقعة جلدية

أو مجموعة من الرقع كانت مكتوبه في عصر من العصور فمُسح النص الأصلي

لكتابة نص أخر وهو ما يسمى palimpsest

هذا النص الأصلي يمكن رؤيته بالتصوير بالأشعة فوق البنفسيجية

في عجالة طرس صنعاء أو مجموعة كبيرة من المخطوطات القرآنية

وجدت تحت سقف جامع كبير في صنعاء سنة 1972 حين ترميم جزء من هذا السقف

بعد الرقع من هذة المخطوطة تعرضت للسرقة دون معرفة قيمتها العلمية

فقررت السلطات اليمانية ترميم وتحقيق هذة المخطوطات

وكان القاضي اسماعيل ابن الأكوع رئيس السابق للأرشيف الوطني

هو المسؤول عليها أنذاك فبحثوا عن أخصائين في هذا المجال فختير أستاذ غرد روديغر بوين

للقيام بالمهمة فكان اكتشاف عظيمًا غير النظرة السائدة في دراسات القرآن

العديد من المشاهدين يتسألون عن مخطوطة صنعاء دون أن يحددوا أية مخطوطة من مخطوطات صنعاء

فأشهروها على الأقل 5 مجموعات أول مجموعة إللي هي DAM01-25.1

بالخط المائل القديم أي الحجازي وهي من أقدم مخطوطات تضم سورة الفاتحة وهي نادرة جدًا

المجموعة الثانية DAM01-29.1 هي كذلك بالخط المائل وتتميز بإنها نُسخت بأكتر من ناسخ

وهذا يعني إنهم كانوا مستعجلين في نسخ هذا المصحف

المجموعة الثالثة DAM020-33.1 بالخط الكوفي هذة المرة وتتميز بزخرفة تعود لعهد الوليد ابن عبد الملك المتوفى سنة 715

تشبة تمامًا زخرفة المسجد الكبير بدمشق

المجموعة الرابعة DAM01-32.1 بالخط ما بين المائل والكوفي

وتتميز بعد الخضوع لترتيب السور المعروفة في المصاحف

وعلى سبيل المثال ينتقل الناسخ بنهاية سورة الشعراء لبداية سورة ….

وأخيرًا المجموعة التي نحن بصددها DAM01-27.1 وهي كما قولنا الأقدم

تحتوي على 38 أو 36 من أصل 80 رقعة جلدية

لماذا هي الأقدم مخطوطة؟ ونقصد هنا النص السفلي وليس الظاهر

أولًا لأنه مكتوب بالخط المائل أقدم خط عربي

ثانيًا لا تخضع في بعض المواقع لنفس ترتيب السور المعروفة مثل المجموعة الرابعة

ثالثُا لا يوجد فيها زخرفة

رابعًا قرأتها تختلف عن كل القراءات الرسمية الأربعة عشر

وتختلف عن القراءات التي اعتبرت شاذة مثل قرأة عبدالله بن مسعود وعبيد ابن كعب وعلى ابن أبي طالب

التي ذكرتها بعض أمهات المراجع الإسلامية في القراءات المختلفة من كتاب المصاحف السيجيستاني

إلى معجم القراءات للدكتور عبد الطيف الخطيب

قامت الدكتورة إليزابيث بوين بدراسة هذة المجموعة وكتبت 5 مقالات عنها

منشورة في المجلدات مابين المجلد الثالث إلى السادس من مجلدات معهد إنارة

بينت في هذة الأبحاث الإختلافات بينها وبين المصاحف الحالية وهي ملخصة في الزيادة والنقصان

كما نشر اباحثين الإيرانين بهنام صديغي من جامعة ستانفور الأمريكية ومحسن جودرازي من جامعة هارفرد

بحثًا مشتركًا بعنوان Sanaa and the origins of the Quran

صنعاء وأصول القرآن طرح قراءة أكتر من 20 رقعة وهذا البحث أكد هذا الإختلاف

وأهم نقط إستطعنا تلخيصها من هذا البحث هو ما أكدت عليه أمهات الكتب في القراءات المختلفة

أن الحجاج ابن يوسف الثقفي غير بعض الكلمات في القرآن ككلمة شُرعة في سورة المائدة الآيه 48

أنظر على سبيل المثال القراءات أو معجم القراءات المختلفة للخطيب الجزء 2 الصفحة 286

فكانت في الأصل شريعة وهذا ما وجدناه في هذة المجموعة في الرقعة folio bonhams 2000v

 في وسط السطر الرابع مما يدل أن هذة المخطوطة تعود لما قبل هذا العصر

وبالتالي اثبات أخر على قدمها منها المراجع الإسلامية نفسها

نظرًا لقدمها وأهمية هذا الاكتشاف سعى بعض الباحثين لدراستها

وتقديم النصوص الموجود بها نظرًا لإختلافه عن كل القراءات المعروفة

سواء الرسمية أو حتى القراءات المختلفة التي تعتبر شابة

ومن أكثر الدراسات بين التأيد والرفض التي توصلت إليها الباحثة التونسية الأستاذة اسماء هلال

والمقال بعنوان le palimpseste de Sanaa et la canonlsation coran nouveaux elements

أي طرس صنعاء وتقديس القرآن عناصر جديدة

الأستاذة اسماء اعتمدت على مقطعين فقط من أصل 38 رقعة لتخرج بنتيجة مثيرة للثغرة

تقول أن الناسخ في الرقعة 5 وفي بداية سورة التوبة كتب عبارة بسم الله الرحمن الرحيم

ثم عاد الناسخ في السطر الموالي وكتب عبارة لا تقل بسم الله

وأكمل سورة التوبة وأستنتجت أن هذة المخطوطة هي تعليمية للطلاب

وليس في الأصل مصحف معتمد في ذلك العصر لأن عبارة لا تقل بسم الله

تعلم الطلاب على أن البسملة لا تقال في بداية هذة السورة

مما يؤكد إنها إن هناك مصحف آخر معتمد وهذا مجرد رقع للتعليم

سوف نرى في الحلقة القادمة أين ارتكبت الأستاذة اسماء هلالي خطأ فادحًا في قراءة المخطوط

وإلى اللقاء.

download text file

Early History of Islam 005