التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 32 | هل ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادي؟

أهلًا بكم!

لا شكّ أنّ الحلقات الماضية سبّبت ارتباكًا للعديد من المُشاهدين، فيما يخُصّ شخصيّة محمّد في الإسلام

من هو هذا الرجل؟ هل أخطأت كتب السير والروايات الإسلامية في تقديم تاريخي حقيقي؟

هل محمّد نبيّ العرب، أو هو الممجّد المحمّد المُبارك الآتي باسم الربّ، والمقصود هنا هو المسيح؟

قبل أن نتقدّم في الحلقات التاريخ المبكّر للإسلام، أحبّ أن أوضّح لك عزيزي المُشاهد نقطة مهمّة وهي: أنه ليس الهدف عندنا أن نهدم عقيدة أو دين معيّن وإنما هدفنا الأساسي البحث معًا عن الحقيقة النسبية التي يقدّمها لنا العلم

ونبتعد بحيادية عن الخُرافات والوهم الذي يقدّم لنا على أنّه الحقيقة المطلقة

فالعلم لا يتعارض مع العقيدة إذا كانت مبنيّة على المنطق والعقل، ومدعّمة بأدلة ثابتة قطعية

فكلمة دكتور على بيل المثال، فهي درجة علمية، تعني المعلّم في الكنيسة، من جذر كلمة Doctrian  = تعليم، أو باللّغة اللاتينية تعني تعليم

مُعظم الجامعات الأولى في العالم تأسّست على يد رجال دين بين قوسين (عقيدة) وتحمل شعارات دينيّة عقائدية

ليس فقط الجامعات الإسلاميّة كالقرويين والقيروان والأزهر والحوزات العلمية بل حتى الجامعات الغربية

كجامعة بولونيا الإيطالية كانت مدرسة كاتدرائية للكنيسة الكاثوليكية في القرن الحادي عشر الميلادي وشعارها صورة دير للرهبان،

وكذلك جماعة اوكسفورد البريطانية التي أخذت كشاعر لها بداية مزمور 27 للنبي داود The lord is my light  أي الرب~ نوري

وتأتي بعدها في القِدم جامعة كامبريدج التي تحمل شعار الصليب، وكذلك جامعة هارفرد الجامعة أسّسها القس “هارفرد” سنة 1636 ميلادية

وبالتالي فالعلوم تطوّرت من الفلسفة على يد رجال الدين، وهذا لا ينفي توسّع الخرافات والوهم على يد رجال الدين كذلك

فالفرق بين هؤلاء وهؤلاء منهم من استخدم العقل والمنطق كمعيار للوصول إلى الحقيقة

 في المقابل من استخدم العاطفة والمصلحة الشخصيّة لنشر الأكاذيب والأوهام

فالحقل الديني والعقائدي غنيّ بالأفكار والمعلومات التي تحتاج لتشريح علمي دقيقي

ولماذا؟ لفهم الحقائق، وهذا الضبط ما نُحاول طرحه عليكم في هذا البرنامج

نرجع للأسئلة العديدة التي طرحناها سابقًا والبحث عن أجوبة لها مستعملين أو مُستعينين بوسائل علمية دقيقة

رأينا عُملات الخليفة مُعاوية ووجود رأس يوحنّا المعمدان في البدايات ثم صُلبان كما نرى على الصورة

ورأينا سبب ذلك في (الحوليات المارونية)، الانتقال من صورة رأس يوحنّا المعمدان إلى الصُلبان

وبقيت هذه الصُلبان تتوسّط العلميات العربية مدّة طويلة تصل إلى منتصف عهد “عبد الملك بن مروان”

إلى هذه الفترة لم تظهر أي عقيدة جديدة اسمها الإسلام،

وطيلة البدايات الأولى للحكم العربي والعرب يُطلق عليهم اسم السراسين بمعنى عبيد سارة أو ممكن بمعنى السرّاقين

وكذلك الطايايا أي المُنتمين لقبيلة الطي أو المُهاجرين أي أبناء هاجر أو كذلك الإسماعيليين أبناء إسماعيل. ولا ذكر للمُسلمين على الإطلاق

الملاحظ في النصّ القرآني كنص مؤسّس للإسلام لم تُستخدم هذه الألقاب كإشارة للمُسلمين إلّا في كلمة واحدة وهي كلمة المُهاجرين

واعتبرهم من الفئة الناجية عند الله بصُحبة فرقة أخرى وهي الأنصار

وفي المُقابل فئة أخرى مُنافقة وهم الأعراب كما نرى في سورة التوبة الآية 100 و 101

 «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ» (التوبة 100 – 101)

فالمُهاجرون هم عربًا من الإسماعيليين أبناء هاجر كما يُعتقد

«الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ..» (البقرة: 218) كاللذين أمنوا حسب ما جاء في سورة البقرة 218

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (البقرة: 218)

والأنصار مجموعة أخرى تحدّث القرآن عن أصلهم في سياق آخر،

كاتباع أوائل للمسيح وهم المُسلمون الحقيقيون حسب النصّ ونقرأ عنهم في سورة آل عمران آية 52

«فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (آل عمران: 52)

إذًا، أنصار الله المُسلمون هم الحواريون الأنصار أتباع المسيح الحقيقي

وكلمة الحواريون من جذر كلمة (حور) الآرامية تعني الأبيض

إذًا كانوا ربّما يرتدون اللّباس الأبيض لتمييز أنفسهم، وربما أخذها القرآن للإشارة المؤمنين المسيحيين في الحبشة

حيث كانوا ولا زالوا يلبسون اللّون الأبيض كرمز للطاهرة والإيمان

فالحواريين هم أنصار الله المُسلمون من بني إسرائيل فرقة آمنت وأخرى كفرت، كما تدل الآية 14 من سورة الصف

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ» (الصف: 14)

القُرآن يأمر المؤمنين أن يكونوا مثل هؤلاء الأنصار الحواريون المُسلمون الموحّدون المؤمنون الحقيقيون الذي انتصروا على الفرقة الكافرة عند ظهور محمّد

ويُخبرنا أيضًا عن الفئة الكافرة وهم الذي يقولون: أنّ المسيح هو الله، وهو ثالث ثلاثة كما جاء في سورة المائدة 72 و 73

« لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ … (ثم)  لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ…» (المائدة: 72 – 73) إلى أخره..

إذًا الفئة الكافرة هم أصحاب الثّالوث ومن يقول عن المسيح أنّه هو الله

إشارة للروم البيزنطيين أصحاب عقدية التّثليث، أي باختصار المسيحيّين

نكتفي بهذا القدر، وشُكرًا للمُتابعة، وإلى اللقاء!


Download text file

Early History of Islam 032

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 107 | مَلَكَة اليمين (الجزءالثاني)
أهلًا بالجُمهور الكريم! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن موضوع ملكت [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 106 | مَلَكَة اليمين (الجزء الأول)
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في أيامنا هذه كثُر الحديث عن رجوع جماعة [...]
7 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 105 | الخريطة الدينية لأرض الحجاز عند ظهور الإسلام
أهلًا بالمُتابعين الكرام! لقد قدّمنا سلسلة من الحلقات حول موضوع البيئة [...]
2 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 104 | الأصل اللغوي للقرآن
أهلًا سهلًا بالجمهور بالمُتابعين الكرام! رأينا في الحلقة السابقة سلسلة [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 103 | مقارنة مخطوطات مدراش ربا، وصحيح البخاري
أعزّائي المُتابعين أهلًا وسهلًا بكم! رأينا في الحلقة السابقة الرابط [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 102 | هل القرآن ثمرة عمل جماعي؟
أهلًا بالمُتابعين الكرام! لم نُكمل بعد سلسلة حلقات البيئة التي ظهر [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 101 | التأثير المباشر على القرآن
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! في الحلقة 99 من هذا البرنامج، تحدّثنا على [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 100 | خلاصة مائة حلقة من البرنامج
أهلًا بالمُتتبّعين الكرام!  بفضل تشجيعكم وتفاعلكم مع المواضيع التي [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 99 | هل تلقى الرسول تعليمه على يد أعاجم؟
أعزائي المُشاهدين، أهلًا وسهلًا بكم في حلقة جديدة من برنامج (التاريخ [...]
7 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 98 | خلاصة دراسة اسم مريم بنت عمران
أهلًا بكم أعزائي المُشاهدين! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن مسألة خلط [...]
10 views

Page 3 of 13

اترك تعليقاً