التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 6 | خطأ الدكتورة أسماء هلالي في قراءة نص طرس صنعاء

أهلًا بكم أحبائي الكرام!

في عُجالة نذكّركم بالحلقة الماضية، بدأنا الحديث عن أقدم مخطوطة في العالم وهي طرس صنعاء أو (طرس صنعاء DAM01-27.1)

وقلنا: أنّ معظم المختصّين في هذا الموضوع أجمعوا على أنّها كذا يعني أقدم مخطوطة في العالم،

 وقلنا: إنّ قراءتها تختلف عن كل القراءات الرسمية أو القراءات التي اعتبرت شاذة بزيادة ونقصان واختلاف الكلمات بمعنى المُترادفات.

ثمّ أشرنا إلى بحث مشترك بعنوان (صنعاء وأصول القرآن Sanaa and the Origins of the Quran)

للأستاذ (بهنام صدغي) من جامعة ستانفورد الأمريكية، و(مُحسن جودرازي) من جامعة هارفرد،

وقلنا: إنّ هذه، إن هذا البحث أكّد على أقدميّة هذه المخطوطة بعودتها إلى ما قبل (الحجّاج بن يوسف الثقفي)، ولي الخليفة (عبد الملك بن مروان) على العراق، وأعطينا مثال كلمة (شرعة) في سورة المائدة 48

فكانت في الأصل (شريعة) وهذا ما وجدناه في هذه المجموعة يعني في الرقعة Folio Bonhams 200v

ثم بدأنا الحديث عن مقال الأستاذة “أسماء هلالي” بعنوان، (La palimpsests de Sana et la cononistion du Coran: Nouveauk Elements  طرس صنعاء وتقديس القرآن: عاصر جديدة)

 وقلنا: إنّها اعتمدت على مقطعين فقط من أصل 38 رقعة،

 ففي الرقعة الخامسة والرقعة ال11 الرقعة الخامسة تقول الأستاذة “هلالي” عند بداية سورة التوبة كتب عبارة (بسم الله الرحمن الرحيم)،

ثم عاد النّاسخ في السطر الموالي وكتب عبارة (لا تقُل بسم الله) وأكمل سورة التوبة

واستنتجت أي أستاذة هلالي أنّ هذا هذه المخطوطة هي تعلمية للطلّاب وليست في الأصل مصحفًا معتمدًا في ذلك العصر

لأنّ عبارة (لا تقل بسم الله)، تُعلّم الطلاب على أن البسملة لا تقال في بداية سورة التوبة، مما يؤكد أنها أو أن مصحفًا آخر معتمدًا وهذه مجرّد رقعة للتعليم.

جميل، نُقارن الآن بين ما قدمته الأستاذة هلالي، وما طرحه كل من الأستاذ بهنام صدغي وزميله محسن جودرازي. نلاحظ قراءة مختلفة ببين المرجعين

ففي نهاية السطر الثامن الأستاذة هلالي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، براءة من الله ورسوله إلى آخره..

والأستاذيين الإيرانيين يقولين في نفس السطر: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه خاتمة سورة.. أ يعني (الأنفال)

السؤال: ما هي القراءة الصحيحة؟

طبعًا المقطع شاحب ولا تظهر سوى بعض الحروف القليلة. إذا أخذنا بنظرية الأستاذة هلالي تواجهنا 3 إشكاليات،

الأولى: لا معنى لتكرار عبارة (براءة من الله ورسوله) مرتين. يعني في السطر التامين والسطر التاسع

ثانيًا: في طرحها (لا تقُل بسم الله) فهل نحن بصدد الكتابة أم القراءة، فالفروض أن تكون عبارة (لا تكتب بسم الله، براءة من الله ورسوله)

ثالثًا: الألف واضحة تمامًا في أخر السطر التامن، لماذا أغفلت الأستاذة هلالي، وتقرأها بدلاً من (لا تقل بسم الله) كما جاء عند الأستاذ بهنام صدغي وصديقيه محسن جودرازي

الأنفال قراءها الأنفال، أمّا بالرجوع للطرح الثاني، فالسؤال مطروح، هل هناك ما يُعزّز بهنام صدغي وزميله؟ الجواب نعم.

نجد فاتحة سورة كذا، أو خاتمة سورة كذا، على سبيل المثال في مصحف (بريسينو بتروبوليتانس) عند سورة لقمان على سبيل المثال، ومخطوطة لندن (Or 2165) في سورة طه وهي أي العبارة بالحبر الأحمر حتى لا تشوّش على القارئ

ولتفنيد نظرية الأستاذة هلالي، انظر كلمة (الأنفال)، تُشبه تمامًا (لا تقل) في سورة الأنقال.

إذًا نظرية الأستاذة هلالي، لم تكن صائبة.

 المقطع التاني الذي اعتمدت عليه الأستاذة هلالي هو من الرقعة 11 تقول الأستاذة: أن الناسخ كتب عبارة (واعطوهم مما رزقكم الله) كتفسير لمقطع  « وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ» وذلك في سورة (النور: 33)

وبالتالي هو بحسب تفسيرها يعني قطعة تفسيريّة أو تعليميّة.

وكأن الرقعة رقم 5 التي تحدثنا عنها ليس فيها هذا النوع من القراءات في السطر الثاني من نفس الرقعة مكتوب (بأموالهم وأنفسهم) بدلًا من «وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا» في سورة (الانفال: 74)

نُلاحظ مرة أخرى، أنّ الأستاذة هلالي حكمت على النصّ برُمّته على أنه نصًا تفسيرًا وتعليميًا لكن الإشكالية أنّ النصّ فيه كذلك زيادة ونُقصان على طول الرقع ال38

لم تتحّدث عنها الأستاذة الهلالي،

هناك قاعدة علمية في دراسة المخطوطات أغفلتها الأستاذة أسماء، تقول: (إنّ النصّ الأقدم يكون أقرب إلى النصّ الأصلي من الذي يأتي بعده).

وبما أن طرس صنعاء هو الأقدم فلا يمكن إلّا أن نقول: هو الأقرب إلى الأصل.

تصوري إلى ما وصلت إليه الأستاذة هلالي نابع من العاطفة لكونها مُسلمة تونسيّة تُدافع عن فكرة «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (الحجر: 9)

فقلّلت من شأن هذه المخطوطة الفريدة من نوعها والأقدم في العالم ليُشاع بين العامة أنّها مجرّد نسخة لتعليم الطلاب فقط، وهذا ما شاع فعلًا ويوجد بعض الشيوخ يقولون بطرحها.

وهذا ينقص من مصداقية كباحثة، ما لم تعترف بخطئها لقُرائها على الأقل.

وختامًا لهذا النقاش العلمي، كنت أتمنى من الأستاذة الباحثة أسماء هلالي، قبل أن تعرض مقالها هذا (طرس صنعاء وتقديس القرآن: عناصر جديدة) طُبع سنة 2010

أن تراجع على الأقل نتائج الدراسات، الدراسة الأولى للدكتور (إليزابيث كوين) في المجلد الثالث الصادر في 2008 لمعهد (إنارة الألماني)، وكذلك الدراسة الثانية سنة 2009

شكرًا على انتباهكم، وإلى اللقاء!

 


 

download text file

 

Early History of Islam 006

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 107 | مَلَكَة اليمين (الجزءالثاني)
أهلًا بالجُمهور الكريم! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن موضوع ملكت [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 106 | مَلَكَة اليمين (الجزء الأول)
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في أيامنا هذه كثُر الحديث عن رجوع جماعة [...]
7 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 105 | الخريطة الدينية لأرض الحجاز عند ظهور الإسلام
أهلًا بالمُتابعين الكرام! لقد قدّمنا سلسلة من الحلقات حول موضوع البيئة [...]
2 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 104 | الأصل اللغوي للقرآن
أهلًا سهلًا بالجمهور بالمُتابعين الكرام! رأينا في الحلقة السابقة سلسلة [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 103 | مقارنة مخطوطات مدراش ربا، وصحيح البخاري
أعزّائي المُتابعين أهلًا وسهلًا بكم! رأينا في الحلقة السابقة الرابط [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 102 | هل القرآن ثمرة عمل جماعي؟
أهلًا بالمُتابعين الكرام! لم نُكمل بعد سلسلة حلقات البيئة التي ظهر [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 101 | التأثير المباشر على القرآن
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! في الحلقة 99 من هذا البرنامج، تحدّثنا على [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 100 | خلاصة مائة حلقة من البرنامج
أهلًا بالمُتتبّعين الكرام!  بفضل تشجيعكم وتفاعلكم مع المواضيع التي [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 99 | هل تلقى الرسول تعليمه على يد أعاجم؟
أعزائي المُشاهدين، أهلًا وسهلًا بكم في حلقة جديدة من برنامج (التاريخ [...]
7 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 98 | خلاصة دراسة اسم مريم بنت عمران
أهلًا بكم أعزائي المُشاهدين! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن مسألة خلط [...]
10 views

Page 3 of 13

اترك تعليقاً