أهلًا بالجمهور الكريم!
كنّا نتحدّث عن الفُرق الشيعيّة، وبدأنا الحديث عن الفرقة النصيريّة العلويّة واتهامها بالكُفر والضلال وعبادة “علي بن أبي طالب” من طرف أهل السنّة والجماعة بالخُصوص
وكما قُلنا في الحلقة الماضية عن الشيخ “محمّد بن الحسن بن سينان” نقلًا عن الإمام “علي الرّضا” وهو الإمام الثامن عند الشيعة كما قُلنا
وذلك في مخطوطة 1450 Arabe الموجودة بالمكتبة الوطنية بباريس
يقول فيها بما معناه” أنّ ولي الله “علي بن أبي طالب” هو روح الله ونوره الظاهر، وما محمّد سوى تجلّي لهذا النور الإلهي وصورة الله الظاهرة في الجسد.
في هذه الحلقة نُقدّم لكم مخطوطة أخرًا من المكتبة الوطنية الفرنسيّة بباريس كذلك
عن نفس الفرقة تحت رقم 1449 Arabe وهي نسخة عن كتاب (الأسس) المنسوب للملك “سليمان بن داود” وهو بقلم الشيخ “أبو الحسن الحيدر النصيري” كتابها سنة 1791 ميلاديّة
نُقدّم للمُشاهد الكريم بعض المعتقدات عند الفرقة النصيريّة التي تختلف عن باقي الفرق الإسلاميّة يقول في الرقعة الثانية والثالثة: “إنّ كتاب الأسس، هو كتاب معرفة حكمة سليمان بن داود، أساس كلّ شيء. اجتمع على تأليفه 4000 حكيم بأمر منه”
ويُخبرنا صاحب النصّ نقلًا عن “ابن الحيدري عن إبراهيم بن محمّد البغدادي”، عن صاحبه الإمام “الرضا” في عهد الخليفة العبّاسي “المأمون”
بأنّ الإمام “الرضا” كان يحفظ هذا الكتاب عن ظهر قلب، وهو بدوره أخذه الأئمة الذين سبقوه
ولتقديم هذه الحكمة جعلها مجموعة كبيرة جدًا من الأجوبة على أسئلة تجمع جزءًا من معتقدات الفرقة النصيريّة
وهذه الأسئلة كلّها لسائل يسأل أعلم هؤلاء الحكماء، وعبّر عنه صاحب النصّ بالعالم،
وبدأ بتساؤل عن الله وصفاته الظاهرة والباطنة، ثمّ التجلّي والظهور في الأنبياء والرسل والملائكة
ثم تحدّث عن حكمة خلق آدم وقصّته، وعن الأنبياء، وكلّ نبي يبطل شريعة من كان قبله
فيخرج الناس من شريعة إلى أخرى حتّى يتمّم الحكمة ويبلُغ الهمّة ويتمّ العلم”
“ولو كان دينًا واحدًا لكان غير حكيم، كما يقول” في الرقعة 32
“ولكلّ مؤمن سبع أبدان وسبع ولادات”
مسألة تقمُّص الأرواح، كما أنّه يُسمّي القُرآن بالكتاب العربي محمّد، لأنّ سليمان من المفروض أنه يتكلّم بلغة عبريّة على سبيل المثال والقُرآن عربي
فكما تُلاحظون فرغم الحديث عن “سليمان بن داود” وفي عهده إلّا أنّه يتحدّث عن القُرآن، وكأنّه نوع من التنبؤ
وتحدّث كذلك عن زعم اليهود بقتل المسيح حتّى كفّرهم الله في الإنجيل، والكتاب العربي أي القُرآن.
فسّر الأمر بدخول اللّاهوت في الناسوت وقت حمل مريم ونزوله من السماء” وذلك في الرقعة 55 أ
وبالتالي يكون المسيح حسب “الكتاب العربي تجليًا إلهيًا” بحسب العقيدة النصيريّة
ويقول عن موسى “كان بيتًا من بيوت الله، التي ينزل بها الربّ” وذلك في الرقعة 56 ب
نعود للمسيح فيقول عنه :إنّه ليس الابن، وإنّما هو الآب”
إذًا، هناك عقيدة مُختلفة تمامًا عن إجماع المسلمين، وكلّ فريق يدّعي بامتلاكه الحقيقة وأخذها عن الأئمة والصحابة المعصومين
فالفرقة النصيريّة لم تقف عند تعليم الرسول محمّد، بل قدّمت لنا كتبًا عديدة، ككتاب (الأسس) الذي يعود لزمن “سليمان بن داود” حسب قولهم
وهذا مأخوذ عن الأئمة، والسؤال المطروح: من يمتلك الحقيقة المُطلقة؟
لا أحد. فكلّ واحد يُدافع عن فرقته ويعتبرها الفرقة الناجية عند الله بحُجج لا ترقى لمستوى اليقين في بعض الظروف
ما يُثير الانتباه في دراسة العقيدة النصيريّة موضوع التجلّي الإلهي في الكائنات
فموضوع المسيح ودخول اللّاهوت في الناسوت وقت حمل مريم ونزوله من الأسماء كما جاء في الرقعة 55
يشبه بعض الجوانب العقيدة القوليريديانية κολλυριδιανοι التي تحدثنا عنها سابقًا والتي أشار إليها الأسقف القبرصي “إبيفانيوس السلاميسي” في كتابه (Panarion) سنة 376
فهم فرقة نصرانية من العرب، عبدة المسيح وأمّه، بحلول الله فيها.
وبالتالي: وجبت عبادتهما، ولهذا السبب أصبحت هذه الفرقة هرطقة تُحاربها الكنيسة
فدخول اللّاهوت أي الله في الناسوت أي مريم، وبحملها بالمسيح يُصبحان إلهين، وقد حاربها القُرآن كذلك في سورة المائدة الآية: 116 «وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ…» (المائدة: 116)
فالعقيدة النصيريّة لا تُألّه مريم العذراء باعتبارها وعاء فقط، ولا تُألّه المسيح من دون الله انتبهوا لعبارة من (دون الله) بل هو الله الظاهر في الناسوت
وتنفي عقيدة التثليث كما جاء في سورة النساء «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا» (النساء: 171)
كباقي الفُرق النصرانيّة التي لا تؤمن بالثّالوث المُقدّس عند المسيحيّين، الأبيونيين
وقد تحدثنا عنها في إحدى الحلقات والعقيدة الموناركية، وكذلك الآريوسية أصبحوا بحُكم مُجمّع نيقيه الأوّل سنة 325 ميلاديّة هرطقات رافضة كما رفض الشيعة ثالوث الخلافة (أبو بكر وعمر وعثمان) واتباع العليّ علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه
فهذه العبارة كرم الله وجهه، سوف نرى ماذا تعني لاهوتيًا عندهم.
نكتفي بهذا القدر وإلى اللقاء في الحلقة القادمة، فكونوا معنا!
Download text file
You may also like
