التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة21 | غزو العرب للمهزومين عقاب إله لضعف إيمانهم

أهلًا بكم أعزائي المشاهدين!

في الحلقة الماضية، تحدّثنا عن معنى الدّين الإسلامي،

وفقط للتذكير قُلنا: أنّ الخليفة مُعاوية لم يكُن مُسلمًا بالمعنى الذي نفهمه الآن من الإسلام

وكانت له عقيدة نصرانيّة كما يتضح في العملات والنقوش والحوليات التي تحدّثنا عنها

السؤال المطروح الآن: هل هناك المزيد مما يثبت خُلفاء بني أميّة لم تكن لهم عقيدة إسلامية كما نعرفها الآن، وكيف كان المهزومون ينظرون إلى العرب؟

لوجود ُصلبان على عملات هناك من يقول: إنّ الخليفة مُعاوية كان حاكمًا برجماتيًا وضع علامة الصّليب على عُملاته لكي تستخدمها البُلدان المفتوحة بدلًا من العُملات البيزنطيّة

لكن ما ينفي هذا الطّرح هو شراسة الحروب التي كان العرب يخوضونها ضدّ خصومهم سواءً في الأخبار في المراجع الإسلامية المتأخّرة أو الأجنبية التي عاصرت الأحداث

كلّها تُفيد أنّ العرب لم يكونوا مُسالمين ويضطرون للمهادنة والبرجماتيّة

فالقسوة كانت ظاهرة في الشهادات حتى من الأعداء،

وتُظهر على سبيل المثال وعظة البطريك “صفرونيوس” بمناسبة أعياد الميلاد في ديسمبر 634 ميلادية

 وحشيّة العرب في قوله: أننا لا نرى السيف المتقلب الملتهب إشارة منه لسفر التكوين الإصحاح 3 بل نرى سيف الراسين البربري يعني العرب الجامح المليء بكلّ التوحّش والشيطنة

وشهادة تانية يقول القسيس “نسطانيوس السينائي” عن معركة اليرموك التي انتصر فيها العرب مرّة أخرى على الروم البيزنطيين يقول:

“جرى الاستلاء بعد هذه المعركة على مُدن فلسطين وسُفكت دماء فيها وصولًا إلى قيصريّة وأورشليم وبعد دمار مصر حصل الاستعباد، لا علاج له بالأراضي المُحيطة بالبحر الأبيض المتوسط وجزره”

لتبرير انهزام البيزنطيين أمام العرب تبادل المسيحيون اللوم فيما بينهم، وأعاذوه لضعف إيمانهم،

فنجد اليعاقبة يتبادرون اللّوم على الهزيمة بينهم وبين الملكيين الأرثوذكس

وكلّ فرق منهم تقول: إنه عقاب سماوي على ضُعف إيمان الفرقة الأخرى

وللتوضيح أكثر يقول الأسقف القبطي “يوحنا النقيوسي” أسقف لأبرشية النقيوس

“إنّ خطايا البيزنطيين جلب الغضب الإلهي المُتجسّد في ما يُسمّى الفتح العربي، ويدعو زميلة “يوحنا بارفنيك” إلى عدم اعتبار ظهور أبناء هاجر إلى العرب أمرًا عاديًا بل إلى أخذه كنتيجة عمل إلهي

ويُبرّر هذا بقوله: “عندما جاء هؤلاء الناس أي الهجاريين جاؤوا بأمر من الله واستولوا على ما كان للمملكتين، بمعنى فارس وبيزنطة،

وضع الله النّصر بين أيديهم كما لو أنّ الكلمة التي تعنيهم تُنفذّ بحذافيرها، رجل أي محمّد، يُطارد ألفًا واثنان يزمون عشرة ألاف أو ربوة كما هو مكتوب في (سفر التثنية، الإصحاح 32)

ووضع سؤالًا مهمًا يقول: وإلا كيف أمكن لعُراة أي العرب، يمتطون جيادهم من دون دروع أو تروس أن يفوزوا في غنى عن المُساعدة الإلهيّة؟

انتصار العرب على الروم البيزنطيين في معركة تبوك دون دروع أو تروس كما قال الأسقف القبطي يوحنا النقيوسي، قالها كذلك المؤرخ “سبيوس”

وهذا الانتصار الإلهي أو المُساعدة الإلهيّة عبّر عنها النصّ القرآني كما يقول الدكتور “كرستوفر لوكسمبرج” بمعركة بدر

وهي في الأصل أي بدر، عذرا، والتي تعني عون معونة نصرة باللغة الآرامية السريانية

نعود لموضوعنا الأساسي وهو عقيدة الخلفاء الأمويين،

لم يعتبر المنهزمون العرب أصحاب عقيدة جديدة أسمها إسلام، بل مجرّد غُزاة جاؤوا من الصحراء لاحتلال أرضهم واستعبادهم كعقاب ربّاني لضعف إيمانهم

نوضّح أكثر التاريخ الماديّ وهي الآثار بطبيعة الحال

تكلمنا في الحلقة السابقة عن معاوية ووجود صُلبان على عُملات وعلى نقش الحمّامات الذي يعود لسنة 664 والأخبار التي وردت عن الحوليات المارونية

تُفيد أنّ معاوية عندما توجّ ملكًا على العرب صلّى في الجُلجثة مكان صلب المسيح وهذا كلّه للتذكير

وكذلك زار وصلّى في كنيسة قبر مريم العذراء ممّا يدلّ على عقيدة غير التي نعرفها عنه

طبعًا قبل تتويج معاوية ملكًا كانت العملات المتداولة عملات بيزنطية وفارسية على الأغلب

لانشغال الحُكّام بأمور التّوسّع الجغرافي على حساب الأراضي المهزومين،

والاكتفاء بالعُملات الموجودة في هذه الأراضي الجديدة في تلك المرحلة

لجعل الضرائب والجزية والخراج وتسيير البلاد من الناحية الاقتصادية

ولهذا السبب قبل الحُكام الجُدد بوجود صور “لهرقل” عظيم الإمبراطور البيزنطي و”خسرو الثاني” عظيم الفرس

ولكن توسّع رقعة ما تُسمّى بالفتوحات جعلت العاملين على جمع هذه الضرائب بالمُطالبة بصك عملة جديدة أو إعادة صكّ عملات جديدة لتلبية الحاجيات من السيولة النّقدية

وقبل أن ننتقل للحديث عن تطوّر العملات العربيّة نُعرّف بالعملات المحلية التي كانت رائجة في تلك الفترة

وعلى رأسها الدينار الذهبي وهي عُملة بيزنطية مُشتقة من الكلمة اللاتينية (ديناريوس) ووزنه أيّ الدينار مثقال 4.25 جرام من الذّهب

جاء ذكرها في القرآن في (سورة آل عمران، الآية 75)

وقد استمر هذا الدينار بالتداول في البلاد التي تحت الحُكم العربي إلى عهد الخليفة “عبد الملك بن مروان” وبالضبط إلى سنة 696 حسب الأستاذ “عبد الجبار محسن عباس سمرائي” والدكتور “عبد الله خورشيد قادر” مدير المعهد العراقي لسيرة الآثار والتراث في أربيل

ثم يأتي الفلس البرونزي وهو مُشتق من كلمة اليونانية (follicle) وهو بأحجام مختلفة تعبر عن قيمتها بحروف يونانية وأشهرها كحرف M  وتعني كما سبق وأن قلنا: 40 نُميا، والنُميا هي أصغر وحدة نقدية للعُملة البيزنطية

وهي أي الفلس هو الأكثر رواجًا في الأسواق لتسهيل المُعاملات التجارية البسيطة

لتكملة موضوع تطوّر العملات العربية نضرب لكم موعدًا في الحلقة القادمة، وإلى اللقاء!


Download text file

Early History of Islam 021

You may also like

التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 107 | مَلَكَة اليمين (الجزءالثاني)
أهلًا بالجُمهور الكريم! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن موضوع ملكت [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 106 | مَلَكَة اليمين (الجزء الأول)
أهلًا بالمُتابعين الكرام! في أيامنا هذه كثُر الحديث عن رجوع جماعة [...]
7 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 105 | الخريطة الدينية لأرض الحجاز عند ظهور الإسلام
أهلًا بالمُتابعين الكرام! لقد قدّمنا سلسلة من الحلقات حول موضوع البيئة [...]
2 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 104 | الأصل اللغوي للقرآن
أهلًا سهلًا بالجمهور بالمُتابعين الكرام! رأينا في الحلقة السابقة سلسلة [...]
9 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 103 | مقارنة مخطوطات مدراش ربا، وصحيح البخاري
أعزّائي المُتابعين أهلًا وسهلًا بكم! رأينا في الحلقة السابقة الرابط [...]
4 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 102 | هل القرآن ثمرة عمل جماعي؟
أهلًا بالمُتابعين الكرام! لم نُكمل بعد سلسلة حلقات البيئة التي ظهر [...]
5 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 101 | التأثير المباشر على القرآن
أهلًا بالمُشاهدين الكرام! في الحلقة 99 من هذا البرنامج، تحدّثنا على [...]
15 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 100 | خلاصة مائة حلقة من البرنامج
أهلًا بالمُتتبّعين الكرام!  بفضل تشجيعكم وتفاعلكم مع المواضيع التي [...]
1 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 99 | هل تلقى الرسول تعليمه على يد أعاجم؟
أعزائي المُشاهدين، أهلًا وسهلًا بكم في حلقة جديدة من برنامج (التاريخ [...]
7 views
التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 98 | خلاصة دراسة اسم مريم بنت عمران
أهلًا بكم أعزائي المُشاهدين! في الحلقة الماضية تحدّثنا عن مسألة خلط [...]
10 views

Page 3 of 13

اترك تعليقاً