التاريخ المبكر للإسلام | الحلقة 2 | مع محمد المسيّح
أهلًا بالجمهور الكريم تحدثنا في الحلقة الماضية عن اشكالية المراجع الإسلامية
وقولنا إنها ليست مصادر أصلية لأنها جاءت منذ فترة طويلة ذو قرنين من الزمن تقريبًا
على مرور الأحداث التاريخية لظهور الإسلام
وتطرقنا كذلك لشُح وجود الوثائق التي تعود لتلك الفترة
وبدأناها في الحديث عن المخطوطات العربية النادرة وعلى رأسها أقدم المخطوطات القرأنية
والتي ترجع إلى نهاية القرن السابع وبداية أو بدايات القرن الثامن الميلادي
وقولنا لا يمكن دراسة المخطوطات دون الرجوع للمعاير العلمية الثلاث
وبدأنا بتعريف المادة الأولى وهي علم أثار الكتاب
أو علم كتب المخطوطة codicology
فهي تنظر للجانب المادي فقط في المخطوطة الماتريال
اليوم نتحدث عن المعيار التاني لدراسة المخطوطات وهذة المرة
التركيز على الخط وتطوره عبر العصور لتسهيل قرأته
وتحديد معنى النص وهذة المادة العلمية تسمى علم الكتابات القديمة
أو علم الخطاطة paleography
Paleo باللغة اليونانية كتعني قديم و graphy تعني كتابة أو خط
أي علم دراسة الخطوط القديمة وفك رموزها
بالمناسبة أقدم خط عربي دون به القرآن هو مايسمى بالخط الحجازي
والذي سماه هو المستشرق الإيطالي ميكيل أماري
وذلك في القرن ال19 المستشرق الإيطالي أطلق على هذا الخط
الخط الحجازي لتسهيل تسميته على الباحثين لأن أول من أشار لهذا الخط هو ابن النديم
المتوفى سنة 1047 ميلاديًا فابن النديم في كتابه الفراسة
سماه بالخط الميكي المدني اعتقادًا منه إن هذا الخط يعود لتلك النمطقة بين مكة ويثرب
إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة برهنت عبر النقوش والمخطوطات إنه خط ينتمي
إلى الشمال ما يسمى في التقسيم الاداري الروماني بالعرب البتراء أو petraea
وهو خط وصفه ابن النديم بالخط المائل نظرًا لميالان الألف واللام نحو اليمين
وربما كان هذا هو اسمه الشائع قبل ابن النديم والمتخصصون يرجعون أصل هذا الخط
إلى الخط النبطي في الشمال سوف نتحدث عن هذا الموضوع بتفاصيل عن حلقة خاصة
السائد الآن عند العرب أن الخط الكوفي هو أقدم خط عربي على الأطلاق
لكن وبواسطة علم الخطاطة palaeography إستطعنا أن نعرف أن الخط المائل هو أقدم خط
وبالتالي تصنيف المخطوطات بحسب الخط من حيث القدم
نعود الآن للمعيار الثالث والذي استخدمه الأستاذ ألفونسو دايان في تدريسه لمادة علم اللغة اليونانية philologie grecque
كما أشارنا في الحلقة الماضية فكلمة philologie يمكن القول إنه علم فقة اللغة المقارن
يركز على النص المكتوب ومعناه ولتقريب المعنى من المشاهد الكريم
يمكن ضرب مثال على ذلك فعلى سبيل المثال نحن في المغرب عندما نقول
اللحم خضر نعني بيها اللحم الطري
لكن يمكن في سوريا والعراق أو مكان أخر أن يفهم أن هذا اللحم أحضر فاسد
يعني عكس تمامًا المعنى الأصلي في المغرب لأن هذا اللسان متأثر
باللغة الأمازيغية اللغة الأصلية في شمال أفريقيا
إذًا يجب تحديد جغرافيا النص ومقارنة لغاته باللغات المحلية واللغات ذات الجذر الواحد
فبدون استخدام مادة philology يمكن الوقوع في الخطأ تفسير النص والفهم
وسوف نقدم أمثلة من النص القرآني ونرى كيف يصبح النص واضحًا
لا يحتاج إلى تأويل عندما نعيده إلى أصله اللغوي
فبعدما عرفنا ضرورة استخدام هذة المعاير العلمية الثلاث philologie, palaeography, codicology
الآن يجب تحديد جغرافية النص القرآني بإعتباره أقدم نص عربي وصلنا وأقدسه
وهنا العديد من المشاهدين سوف يندهشون من هذا الأمر ويتسألون
أليس بديهي أن القرآن هو نص عربي يعود لمكة والمدينة؟
الجواب على هذا السؤال يحتاج تأكيدً وتعزيزًا من هذة المعاير الثلاثة العلمية السالفة الذكر
قولنا في بداية هذة الحلقة أن أقدم خط عربي كُتب به القرآن هو ما يسمى خطأً بالخط الحجازي
وهو خط مائل قديم وبشهادة ابن النديم وكذلك بإجماع علماء علم المخطوطات وعلم الخطاطة
عندما نعود للنقوش التي جاءت قبل ظهور القرآن نجد أن الحروف
أو الحرف العربي الموجود في أقدم المخطوطات القرآنية هي أمتداد وتطور من خط قديم وهو الخط النبطي
وكما تعرفون أعزائي المشاهدين أن الأنباط كانوا حضارة كبيرة إنتهت في سنة 106 ميلاديًا
على يدي الروم ما بقي من هذة النقوش على أغلب نصوص قصيرة, جنائزية تذكر
اسم المتوفى, تاريخ وفاته, وكمثال على ذلك نقش النمارة يعني بجنوب سوريا وهو شاهد قبر أمرؤ القيس الذي توفي سنة 328م
وهو أخد ملوك المنادرة وهذا الشاهد موجود الآن في متحف اللوفر بباريس لو أردت أن تراه بأم عينك
وما يؤكد هذا التطور هو وجود ال التعريف أو الكلمة كما هو في اللسان العربي وفي اللغة النبطية
وهي خاصة في اللغتين خلافًا للغات السامية الأخرى فالتعريف يكون في أخر الكلمة في اللغة السريانية على سبيل المثال
والخط النبطي ينتشر بخاصة على أرض الأنباط في الأدرن وسيناء وشمال السعودية
منطقة العلا وبسبب التجارة والهجرة نجد هذا الخط موجودًا كذلك في سوريا كما لاحظنا في تسمية شاهد قبر أمرؤ القيس
وكذلك مثال أخر نقش أم جمال الأول/ شاهد قبر فهر بن سالي ووجد بجنوب دمشق
وكذلك نقش شرحبيل الذي وجد بحران جنوب شرق تركيا حاليًا
والسؤال المطروح هل كان هذا الخط موجود في مكة المدينة؟
في الحلقة القادمة سوف نرد على هذا السؤال
وإلى اللقاء.
Text File Download
You may also like
